تحتفي بلادنا بالذكرى الثالثة لمبايعة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، هذه البيعة التي تجددت معها خارطة الهمّة والطموح والتوقعات في الوطن، وشكّلت انطلاقة جديدة للوطن العزيز، بروح شابة وثّابة طموحة ومستنيرة، تتمثل في ولي العهد، وحزم القيادة العادلة عند خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

تتزامن هذه الذكرى الغالية علينا مع مرور العالم أجمع بمنعطف واختبار عالمي حقيقي، يعيد ترتيب خارطة القوى الناعمة في العالم، ويخسر فيه عدد من الشعوب ثقتها في قياداتها، هذا المنعطف المعتم والمتمثل في أزمة «كوفيد19-»، أصاب عددا من الدول بالذهول، وحارت معه العقول، لكن بلادنا -ولله الحمد والمنّة- ثبتت بفضل الله سبحانه أولا، ثم بفضل جهود قيادتنا الرشيدة التي اختارت سلامة الإنسان، وقدمت إنقاذ الأرواح على المصالح الاقتصادية للدولة، في ظل أزمة عالمية لا يعرف أحد مداها ولا آثارها، ويصعب التنبؤ بما قد تؤول إليه.

في خضم هذه الأمواج المتلاطمة حولنا، سعت القيادة الحكيمة للوصول بنا إلى بر الأمان أولا، من خلال الاحترازات الصحية الشاملة، والتطمينات المتوالية، وضمان الاستقرار المحلي، اقتصاديا وغذائيا وأمنيا وتعليميا، بتكاملية احترافية قوبلت بوافر التقدير والفخر من الشعب السعودي، والمقيمين على أرض الوطن من أنحاء العالم، والمتابعين للمشهد العالمي، ومن القيادات العالمية في هذه الأزمة، مما زاد شعبية القادة الذين اهتموا بالإنسان، وعلى رأسهم قيادتنا.

إن الاجراءات التكاملية والشفافة وضعت قيادتنا في موقعها المستحق على خارطة التأثير العالمي في إدارة الأزمات، ولا شك أن المتابع للمشهد يدرك أبعاد ما أحدثته الأزمة على الاقتصاد العالمي، فالحرب التي يخوضها العالم حاليا لم تتضح كل أبعادها بعد، ومن المتوقع أن تلقي بظلالها القاتمة على اقتصادنا المحلي، فبلادنا جزء من المنظومة العالمية، ومقرر أساسي في مجال النفط والطاقة، وعليها كَمّ هائل من المسؤوليات بحكم ضخامة دورها وثقلها الديني والسياسي والاقتصادي.

وعلى الرغم من المخاوف المحيطة، والاحترازات المتخذة، وعدم الوضوح العالمي، إلا أنني واثقة تمام الثقة بأننا في السعودية سنتخطى هذه الأزمة بحول الله، ثم برؤية خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وقيادتهما قافلة هذا الوطن بحكمة وحزم وشفافية.

ينتظرنا -بحول الله- مستقبل واعد، فالإيمان الذي نحمله في قلوبنا، واليقين بما عند الله، والذي بُنيت عليه أساسات هذه الدولة، منذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- لم يتغير، ولم تزده الأيام إلا رسوخا وثباتا.

نتوقع الأفضل ونتابع قرارات مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة ورؤية سموه الكريم، حول ما استجد في خارطة التحول الاقتصادي للدولة، ضمن رؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020 بثقة.

وندرك جيّدا أن التحديات كبيرة والتغييرات مستمرة، ولكن الله سبحانه أكبر، وهمّتنا التي شبهها سموه بجبل طويق، تكبر باليقين كل يوم، وطموحنا هو عنان السماء.

ونعلم -كذلك- أن تحقيق أهدافنا المستقبلية لن يتأتى إلا بالاستمرار فيما عزمت عليه القيادة بوصول المملكة إلى مكانها المستحق بين الدول، والمنافسة الواعية الحقيقية في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية، ولعل البداية هي في رفع كفاءة الإنفاق التي صرح بها مختلف الوزراء للتركيز على الأساسيات في كل المجالات، لتحقيق أهدافنا المأمولة والمخطط لها، خصوصا مع ترؤس المملكة حاليا مجموعة دول العشرين.

أتفهم جيدا ترقب البعض للمرحلة القادمة اقتصاديا، لكن الخوف لا يتمكن من الإنسان إلا إذا أزاح عينيه عن أهدافه وبدأ في التردد، ولهذا أنتهز هذه المناسبة الوطنية المهمة لنا جميعا، بالدعوة إلى التركيز الواعي على أهدافنا الشخصية والوطنية، والدعوة كذلك إلى الثقة المطلقة في قرارات قيادتنا الحكيمة محليا وإقليميا ودوليا، كما نفعل دائما، والعمل باجتهاد وإخلاص للصالح العام، كلٌّ في مجاله، خصوصا الشباب، فهم عماد المستقبل، وبرنامج ولي العهد التنموي يركز على الاستثمار في الشباب السعودي ومهاراته المتعددة، وتعليمه وتدريبه، ولذلك تُولِي القيادة جُلّ اهتمامها للتعليم والتمكين، وتطمح إلى الاستثمار المتواصل في الإنسان، وصناعة هوية جادة وحقيقية للوطن والمواطن، آخذة في الحسبان روحنا الوطنية، وتأثيرنا وتأثرنا بالأحداث العالمية.

إن هذه المناسبة الوطنية جاءت في هذا الوقت لتذكّرنا بمصادر قوتنا وأسباب حرصنا على جمع الكلمة، ومواجهة الأزمات صفا واحدا، خلف قيادتنا الحكيمة، وهي فرصة لتجديد العهد والولاء، وللاحتفاء بولي العهد ملهما وقائدا وبانيا للمستقبل الواعد للإنسان السعودي الطموح، في ظل خادم الحرمين الشريفين.