بدايةً، دعونا نشرح لكم و«نتفزلك» عليكم بما فتح الله علينا به من معلومات عن الـRAM. ولمن لا يعرفه، فهو ذاكرة الوصول العشوائية التي يعمل عليها جهاز الحاسب الآلي، مثلا، وما في حكمه من أجهزة لوحية وهواتف محمولة، وغيرها. «لم أفهم أي كلمة» ولكن ليس هذا موضوعنا.

فموضوعنا أن RAM هذا يحوي المعلومات المؤقته اللازمة لتشغيل هذه الأجهزة، وهذا يعني أنها معلومات مفيدة في تلك الفترة الزمنية المحددة، ولا حاجة لها بمجرد الانتهاء من جلسة العمل تلك، ولكن -وبعد الانتهاء منها- قد تبقى عالقة في تلك الذاكرة العشوائية، وبمجرد دخولك على خيارات تلك الذاكرة، تجد «تنظيف القرص أو الذاكرة»، وبمجرد أن تضغط على هذا الخيار، تجد أنه تم حذف بيانات قد تصل إلى خانة الـ«جيجا بايت»، ومع ذلك لم تفقد أيّا من بياناتك الشخصية.

هذي الذاكرة تشبه عقول البشر إلى حد ما، فتذكرنا بطريقة حفظنا بعض المشاكل «والدوايا» التي تمر بنا يوميا، ولم نعد بحاجة إلى تذكرها أو التفكير فيها، ومع ذلك تبقى عالقة في أذهاننا، حتى أبسطها مشكلة «زحمة الإشارة والمحل الفلاني سيغلق»، ورغم أننا لحقنا بذلك المحل وأخذنا ما نحتاج وعدنا للبيت، ولكن هذه التفاصيل البسيطة ما زالت تشغل الـRAM في تفكيرنا وبحاجة إلى تنظيفها، ولكن كيف الطريقة؟.

الحل ببساطة قد تجده وكأنه يرحب بك، ويقول أنا مستعد لعمل غسيل «بستم» لذاكرتك المؤقته هذه، بمجرد وصولك إلى هدوء القرية، والمكان الهادئ الذي تستطيع أن تقيم فيه، وتوجد فيه مستلزمات حياتك الأساسية، من مأكل ومشرب ومنام واستحمام، ولو كانت شبكة الجوال مقطوعة هناك فـ«يا سلام»، لأن أي مكان بعد تنظيفه يحتاج إلى فترة تعقيم له من أية ملوثات خارجية، كتنبيهات مواقع التواصل الاجتماعي عن أخبار ومستجدات لا تخصنا في شيء، وإنما تشغل ذاكرتنا وتجعلنا مشغولي الذهن، ولا نتحمل بعضنا، وقد نضرب طفلا ضربا مبرحا فقط، لأن صراخه أكمل على ملء ما تبقى من مساحة الـRAM في «نافوخ» أحدنا.

ما أقصد قوله، إن لدينا نِعما قد تكون سببا في تغيير أسلوب حياتنا، وتحافظ على مستوى السعادة في بيوتنا، ومع من نعاشرهم أو حتى نمر بهم.

نِعَمٌ تجعلنا نعيش بهدوء، وتركيز يجعلنا ننشر الخير، وكأننا قادرون على أن نحيا حياة أجدادنا الذين وصل بهم صفاء الذهن -نتيجة حياة القرية- إلى قدرتهم على حفظ أجزاء كاملة من القرآن، ومعلقات شعرية بمئات الأبيات، وقصص قد تملأ كتبا ضخمة، وكل ذلك وهم لا يقرؤون ولا يكتبون، ولكنهم يحرصون على تنظيف ذاكرتهم العشوائية، وإبعادها عما لا يعنيها، فكل ما وجدت نفسك تكثر المشاكل بسبب «بهارات الشوربة ليش حارة؟»، فعليك أن تلجأ إلى «مغسلة القرية لتنظيف الـRAM».