المنصور تُنْعى إليه نفسه

قال الفضل بن الربيع: کنت مع المنصور في السفر الذي مات فيه، فنزل منزلا من المنازل، فبعث إلي وهو في قُبةٍ، ووجهه إلى الحائط، قال لي: ألم أنهك أن تدع العامة يدخلون هذه المنازل، فيكتبوا ما لا خير فيه؟

قلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟

قال: أما ترى على الحائط مكتوبا:

أبا جعفر حانت وفاتك، وانقضت سنوك وأمر الله لا بد نازل

أبا جعفر هل كاهن أو منجم يرد قضاء الله أم أنت جاهل !

فقلت: والله ما أرى على الحائط شيئا. وإنه لنقي أبيض !

قال: إنها والله إذن نفسي نعيت إليّ، الرحيل ! بادر بي إلى حرم ربي وأمنه، لأقرب من ذنوبي وإسرافي على نفسي، فرحلنا وقد ثقل، حتى إذا بلغنا بئر مئيمون توفي بها!