العلاقة بين أي مؤسسة وعملائها تعتمد بشكل كبير على التواصل الفاعل، وعلى التغذية الراجعة من العميل إلى الشركة، ليتم العمل على تلك الملاحظات بما يسهم في رفع مستوى الرضا عن الخدمة وتجويد أداء المؤسسة. وعندما نفقد حلقة التواصل فإن العلاقة بين تلك المؤسسة وعملائها تصبح مبنية على التناقض والاستحواذ والكسب والخسارة. كسب ثقة العملاء ورضاهم يعتمد على ما تبذله المؤسسة من وقتها وجهدها وفكرها للوصول إلى رضا العميل. ونعلم يقينا أن نجاح أي مؤسسة يعتمد بشكل كبير على شفافية تلك المؤسسة وسماحها وتقبلها لآليات المساءلة والنقد.

إن كسب رضا العملاء هو نهج المؤسسات العملاقة، وهذه المؤسسات تبني أهدافها ومشاريعها على ما يطلبه العميل ويحقق رضاه، فلهذا نجد على الصعيد العالمي شركات كتويوتا وأمازون وسامسونج وغيرها، تنشغل برأي العميل بعد إصدار كل منتج، وتأخذ تلك الملاحظات على محمل الجد، وتتلافى الأخطاء، لتظل منافسا قويا ومنتجا يثق فيه العميل ويفضله على غيره. وهناك شركات كانت ولازالت تعاني، بل البعض منها تراجع في سباق المنافسة لأنها لم تستطع الحصول على رضا العميل وثقته.

الأسبوع الماضي كان أسبوعا عاصفا في منطقة جازان، فمع صدور الفواتير الشهرية، عبر معظم أطياف المجتمع عن تذمرهم من تلك الفواتير التي كانت باهظة جدا، وعبر العديد عن سخطهم من خلال وسائل التواصل، التي أصبحت متنفسا لتخفيف حدة الغضب وعدم الرضا، وفي المقابل كان فرع شركة الكهرباء غير متفاعل مع هذه الأصوات، وربما يعود ذلك إلى أن الهدف الأساسي للشركة هو الحصول على أكبر المكاسب بغض النظر عن رأي العميل ورضاه. والغريب أن ما يحصل في فرع الشركة بمنطقة جازان لا يحدث في بقية المناطق، رغم أن كثيرا من تلك المناطق يعيش نفس الظروف الجغرافية والمناخية. وحتى نكون منصفين فإن ارتفاع الفواتير ليس السبب الوحيد في عدم الرضا، فالانقطاع المتكرر للكهرباء، وتسببه في تلف العديد من الأجهزة الكهربائية في ظل ارتفاع حاد لدرجات الحرارة، يعطي انطباعا بأن الارتفاع في فواتير الكهرباء يقابله تدن في مستوى الخدمة المقدمة للعميل.

ولمعرفة جذور المشكلة والتي تتكرر، وظلت سنوات دون حلول عملية، فإن الأسباب الحقيقية قد تتلخص في عدم اهتمام الفرع بتجويد الخدمة ورضا العملاء كهدف إستراتيجي يتم العمل عليه من خلال عمل دؤوب، وخطط ومراجعة لاستبيانات رضا العملاء والبلاغات عن تدني مستوى الخدمة. بل للأسف يتم إغلاق البلاغات دون الاهتمام بأن يكون العميل راضيا، وبالتالي فإن إغلاق البلاغات يكون 100 %، ويصدر المؤشر باللون الأخضر، ويعتقد المسؤول أن اللون الأخضر هو انعكاس حقيقي لأداء الشركة! أيضا غياب المنافسة، فاحتكار الخدمة المقدمة يجعل الشركة لا تبحث عن التجديد والتطوير في ظل غياب التحدي، والذي كان سببا رئيسا في تطور أداء شركات عدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر شركات الاتصالات، وسوق الجوالات الذكية، ومصانع المياه المعبأة. وأخيرا غياب الشفافية والمساءلة، فالمؤشرات والبلاغات يتم إعدادها وإغلاقها من قبل الشركة نفسها، وبالتالي فهناك حاجة في الظروف الحالية إلى وجود طرف ثالث لتقييم جودة أداء الشركة وحماية العميل، وحفظ حقوقه واحترام صوته.