أرجع عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة الدكتور باسم عمر قاضي قصر حج هذا العام على الموجودين داخل المملكة من مختلف الجنسيات، إلى تحقيق مقصدين شرعيين عظيمين، هما المحافظة على شعيرة تعد ركنا من أركان الإسلام، وكذلك الحفاظ على النفس في ظل جائحة تتفشى في مختلف أصقاع العالم، وقال لـ«الوطن» «لتحقيق هذين المقصدين خرج هذا المقترح لهذا العام».

نموذج أولي

أوضح قاضي أن «حكومة المملكة تعتز بخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين الذين يفِدون إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة بأعداد متزايدة سنوياً، وجعلت هذا من مكونات رؤيتها 2030، وقد سجلت وسطرت عددا من قصص النجاح في تنظيم الحج على الأعوام الماضية، كما سجلت نجاحا في كيفية تعاملها مع الجوائح والأوبئة والظروف الطارئة وأنواع الأزمات».

وأضاف «نعيش مرحلة تاريخية في موسم حج هذا العام، فنحن الآن نتحدث عن حج استثنائي سيكون له عدد من الضوابط الاحترازية التي تضمن أن يكون كذلك موسم حج ناجح يسطره التاريخ»، مؤكدا أن «لدى المعهد عدد من المبادرات المتعلقة بكيفية تطبيق الضوابط الوقائية على طول مسار رحلة الحاج، منها إعداد نموذج محاكاة أولي للطواف والسعي من قبل المعهد بالتنسيق مع عدد من الجهات المعنية بطريقة تسهل تطبيق الإجراءات الاحترازية».

بيت خبرة

أفاد قاضي «يعد معهد خادم الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بيت خبرة متخصصا، ويشارك في عدد من اللجان المرتبطة بقطاع الحج والعمرة من الجانب العلمي والبحثي».

وتطرق إلى أنه تم تأسيس غرفة عمليات علمية في المعهد منذ بدأت جائحة كورونا تلامس قطاع الحج والعمرة، وعكفنا على متابعة كافة ما يحصل من تداعيات، وكذلك تم فتح عدد من المحاور البحثية في المجال البيئي والصحي والعمراني والهندسي والشرعي والتاريخي والاجتماعي والاقتصادي والمتابعة الإعلامية فيما يخص مجال عمل المعهد، وخرجنا بعدد من السيناريوهات والتوقعات المرتبطة بالحج والعمرة لهذا الموسم».

وقال «تم إعداد عدد من الدراسات الاقتصادية ورصد المعلومات الصحية والمعلومات الخاصة بمكة والمدينة، والاهتمام بالمعلومات والدراسات العامة مثل نماذج تقويم المخاطر الصحية، والنموذج العالمي الخاص بالجائحة، والعمل على تخصيص تلك النماذج لمكة والمدينة.

نظام أساسي

قال عضو الجمعية الفقهية السعودية الدكتور صالح الحارثي «دأب ولاة الأمر في هذه الدولة على خدمة قضايا الأمة ومصالح الإسلام وأهله بعامةٍ، وخدمة الحجَّاج والعمَّار ولا سيما الحرمين الشريفين، حتى صار الثناءُ على المملكة قادةً وجهودا شيئا لازما لا يكاد يفارقهم».

وأضاف «إن دولةً تقول في المادة (24) من مواد نظامها الأساسي للحكم:تقوم الدولة بإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتوفر الأمن والرعاية لقاصديهما، بما يمكّن من أداء الحج والعمرة والزيارة بيسر وطمأنينة». أفتكتب هذا وتنشره في ربوع الدنيا ثم لا تعمل به؟ كيف يكون هذا؟ وهو أمرٌ ليس مما يخفى».

وتابع «المؤسس لهذه البلاد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله أمَّن موسم الحج قبل أن يتم توحيد البلاد»، قال المؤرخ فؤاد المغامسي:«أول حج أشرف عليه المؤسس - رحمه الله - كان عام 1343، فرغم ما قامت به وسائل الإعلام المعادية في ذلك الوقت من تحذير الحجاج بعدم التوجه إلى الديار المقدسة، إلا أن الإجراءات التي اتخذها أذهلت الجميع، ومنها: تغيير الميناء من جدة إلى ميناء رابغ، وتوفير جميع وسائل التغذية والمياه طوال الطريق، كما هيأ وسائل النقل، التي كانت متوافرة في ذلك الوقت، وأشرف على الحج بنفسه حتى تم بنجاح، ما جعل من التحذير ترغيبا، فكان لنجاح حج 1343 صدى كبير على جميع أنحاء العالم الإسلامي».

وقد واصل أبناء المؤسِّس المسيرة على خير نحو، وأفضلِ وجهٍ، وأجلى صورة، أمنا وأمانا ورخاء وخدمات ورعاية وعناية في مختلِف الجوانب وسائر النواحي الصحية والخدمية والأمنية في أخرياتٍ كثيرة.

وتابع «بعد هذا – وهو غيض من فيض – ترى شرذمة عميت بصائرهم شعار تخطئة السعودية، فلا هم لهم إلا انتقاد كل ما يصدر عنها، فحين قررت المملكة - بمباركة عالمية واعية - أن يكون حج العام الجاري 1441 بأعداد محدودة جدًّا، وبشروط وضوابط لا هدف لها من ورائها إلا مصلحة وسلامة الحجاج والعمار، إذا بأبواق وشراذم ينتقدون فعلها، ولو كان العكس وسمحت السعودية بالحج لعموم الناس لقالوا: لم تراع خطورة الفيروس، وما قد ينشأ عنه من إصابات ووفيات لا يعلم عددها إلا الله، ولكان كل ما وراء ذلك من تبعات وصمة يصمون بها المملكة».

حفظ الدين

يقول أستاذ الفقه وأصوله المشارك بكلية الشرعية في جامعة حائل الدكتور عبدالله بن راضي المعيدي «الحج ركن من أركان الإسلام وشعيرة من أعظم شعائره، ومن أعظم مظاهر تعظيم شعائر الله أداء المناسك على السنة، وهذا الأمر لا يتحقق إلا بوجود دولة تسهّل للمسلمين قيامهم بأداء مناسكهم وتؤمن لهم ذلك، وهذا الذي قامت وما تزال تقوم به الدولة السعودية منذ نشأتها».

وأضاف: تأتي إقامة حج هذا العام 1441 بأعداد محدودة جدا للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة لتعبر عن حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين وتحقق مقصداً من أعظم مقاصد الشريعة، وهي:

تحقيق مقصد حفظ دين الله بإقامة ركن من أركان الإسلام وتسهيله في ظل انتشار جائحة كورونا.

وتحقيق مقصد حفظ النفس؛ فقد جاءت الشريعة بحفظ النفس وقررت كثيراً من الأحكام من أجل المحافظة عليها لعظم مكانتها في الشرع.

كما أن هذا القرار يدخل في السياسية الشرعية والتي جعلتها الشريعة منوطة بولي الأمر، وهو داخل في وجوب طاعة ولي الأمر، والذي دلت عليه نصوص كثيرة أفادت بوجوب امتثال أوامره وتعليماته، وأن تصرّفات الإمام منوطة بالمصلحة وتقدير هذه المصالح موكول إلى الإمام وإلى الجهات الولائية ومنها وزارة الحج.