سبحان الله الدائم، وكل شيء فان، إلا هو سبحانه وتعالى.. الإثنين الماضي كان يوما نسائيا عجيبا، وعندما أقول نسائيا، فإني أقصد أنه في ذلك اليوم، ودفعة واحدة، نعى الناعي وفاة ثلاث سيدات صالحات، وفي أماكن متفرقة، وكل واحدة منهن بينها وبين الله خبايا، وبينها وبين عباد الله قضايا.

السيدة عائشة بنت المحفوظ بن بيه، شقيقة شيخنا معالي الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس مجلس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة للإفتاء الشرعي، والسيدة سلمى بنت حمد آل بني علي، والدة شيخنا الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد، كبير مفتي مدير إدارة الإفتاء بإمارة دبي، والوالدة السيدة رضية بنت عبدالرحيم رضوان، أرملة شيخنا الدكتور محمد علوي مالكي، أستاذ الحديث وعلومه بالمسجد الحرام، أم عبدالوهاب، رحمهما الله، ووالدة أخينا المبارك الدكتور أحمد؛ عليهن من الله الرحمة، ولذويهن وعارفي أفضالهن صادق المواساة.

يقول الله تعالى: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون اللّه ورسوله أولئك سيرحمهم اللَّه إن اللّه عزيز حكيم﴾؛ وفي مقالي هنا لن أتوقف عند مناقب كل سيدة من السيدات اللاتي ذكرتهن، رغم أني أحمل عن بعضهن كثيرا من المحكيات، وبعضا من المرويات، وغير ذلك من المعروف الخاص، والأفضال الشخصية؛ ولكني سأجمل الكتابة عن أهم قاسم مشترك بينهن، في نظري، وهو (الصلاح)، رحمهن الله رحمة واسعة، لمسيس الحاجة للتذكير بهذا الخلق، في وسط زحمة المتغيرات..

في الحديث الصحيح، الذي رواه الإمام مسلم، وغيره، عن عبدالله بن عمرو، رضي الله عنهما قال، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة»، وهو حديث شائع ومشهور، ودائما أتعجب من أصحاب الأفهام المحدودة، عندما يحصرون لفظ «المرأة»، في هذا النص، على الزوجة فقط، ليقيني بأنه لو أراد المصطفى، عليه أفضل الصلاة، وأزكى السلام توجيه كلامه لمن يريدون الزواج فقط، لفعل ذلك، ولقال لهم: «الدنيا متاع، وخير متاعها الزوجة الصالحة».

المرأة الصالحة في كل أحوالها الاجتماعية، هي أفضل متاع للدنيا بأحوالها المختلفة، زوجة كانت أو عزباء، أما كانت أو جدة، أختا كانت أو بنتا، موظفة عاملة أو سيدة بيتها، وغير ذلك من أحوال، وفي نفس الوقت، هي أفضل متعة لأبيها وأمها، وابنها وبنتها، ولغيرهم، ولفظة «الصلاح» وإن كانت تنصرف في ذهن الكثيرين إلى التبتل والتعبد، استدلالا بقوله تعالى في سورة النساء: {..فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله..}، فما ذلك إلا لأن الصلاح الحقيقي الواسع يعتبر الأساس لمواجهة زخم هذه الدنيا، والأساس لنبذ الكسل الذي تسلل على نفوس الجنسين معا.. اللهم ارحم من ذكرت يا كريم.