في زمن كورونا الذي اجتاح العالم من أدناه إلى أقصاه، وغيّر نمط الحياة وروتينها الذي تعودنا عليه قبلها بغثه وثمينه، هناك تغير محمود في بعض العادات يجب أن يستمر حتى بعد انتهاء الجائحة، ومن أهم العادات التي يجب استمرارها ما اتخذ من إجراءات في حفلات الزواج ومجالس العزاء.

كانت حفلات الزواج مكلفة جداً تثقل عاتق المتزوج بديون كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان، اقتراض من البنوك، وديون سيارات، أقساط وأثاث وقصور أفراح وذبائح ومطربات وطقاقات ودقاقات وشعراء، حتى قد تصل الديون إلى نصف مليون أو أكثر في حفل لا يتجاوز خمس ساعات.

وبعد هذا الحفل ظاهرة الإسراف التي انتشرت بشكل كبير في الأفراح بعمل كميات كبيرة من الطعام ولا يأكل الناس منه إلا القليل، ثم يذهب معظم ذلك الطعام إلى صناديق القمامة، والعياذ بالله.

هذه الحفلات التي ظاهرها الوجاهة، وباطنها تعسير على الناس، يعاني منها المجتمع؛ فهناك ديون وغلاء مهور تسببت في إشكالية عزوف الشباب عن الزواج وعنوسة الفتيات ومشاكل أسرية كثيرة لها أول وليس لها آخر، الإسراف والبذخ في الأفراح عادة غير محمودة، ولكن في زمن كورونا تقلصت هذه التكاليف في عدد الحضور وعدد الذبائح، بحيث لا يحضر إلا خمسون شخصا من العائلتين متباعدين ومطبقين الإجراءات الاحترازية.

نأتي إلى مجالس العزاء التي تقام ثلاثة أيام في منزل أهل الميت، وهناك من يقيم العزاء في استراحة وبحضور عدد كبير من الناس.. إشغالا لأهل الميت في الأيام الثلاثة، وكلها أكل وشرب وذبائح وضحك كأنها أيام فرح.

والآن في زمن كورونا لا يحضر إلا العدد القليل عند تشييع الميت والصلاة عليه ودفنه، والأكثر يؤدون العزاء بالمقابلة في المسجد حسب الاحترازات أو بالاتصال والدعاء للميت، وهذا العزاء الفردي هو العزاء الشرعي المطلوب.

يا حبذا لو نستمر على هذا الوضع في حفلات الزواج ومجالس العزاء حتى بعد انتهاء الجائحة، لأننا قد استفدنا وأرحنا أنفسنا من تلك العادات بل المخالفات التي لا نستفيد منها.