نهاية سواد (الكحل) تعني بداية جمال بشرة الأنثى مهما كان لونها أبيض أو أسود «أو حتى إن شاء الله أخضر»، وعودة للفزلكة وبعيدا عن السخرية، ما أقصده أن نهاية الشتاء ليست نهاية الحياة بل بداية لفصول أخرى، ونهاية الليل بداية شعاع الفجر الذي يجعلنا نشتاق لسبات الليل مرة أخرى، ولو كانت الدنيا حالا واحدا لكرهناها مهما كان في هذا الوضع من جمال.

ما أثار هذا الحديث أنه وفي إحدى وسائل التواصل الاجتماعي ظهرت إحدى أخواتنا لتبلغ متابعيها أنه تم الاستغناء عن خدماتها في وظيفتها السابقة، والتي عرفتهم من خلالها، وهب الأغلبية منهم لينصحوها في هذه الفترة الحرجة التي ستمر بها وكيف تتعامل معها، وكيف أن اكتئاب ما بعد الصدمة والحالة النفسية لمن تم خذلانه بهذا الشكل قد تكون سببا في انتحاره، وكيف أنه عليها أن تتحمل هذه الفاجعة حتى لا يحصل لديها طفرة جينية تجعل أحفادها ذوي عيون فلبينية وشعر موزمبيقي، وقس عزيزي القارئ على هذا المثال آلاف الأمثلة كتعامل المجتمع مع من تطلقت أو تزوج عليها زوجها أو..... أو..... إلخ.

أما نحن يا معشر الرجال فتجعلنا رجولتنا غير مقتنعين بأن هذه قد تكون نهاية أمر ما، فتجد من فتح له مشروعا وأطلق على نفسه رجل الأعمال، وبعد فترة ما تحولت توجهات الأعمال والاقتصاد من حوله إلى وجهة أعمال غير أعمال صاحبنا هذا، فتجده بدأ يشك في كل قريب له وبعيد وكل صغير وكبير بأنه «معمول له عمل»، وبدأت حالته النفسية تتدهور، وبدأ يكره الكل حتى حكم على نفسه بالنهاية ولم يجعلها بداية جديدة.

حتى شبابنا المبتعث في حال تعثرت بعثته لأي سبب، يجعلها البعض منهم وكأن هذا التخصص وهذه الدولة هي نهاية التعليم في العالم، ونسي كل بداية تخرجه من نهايته هذه ليغلق على نفسه باب البحث عن أي طريق آخر، وكذلك من خسر وظيفته أو منصبه، وأخذ يهتم بالرأي المتعنت لمن حوله بأنه قد أضاع مصدر رزقه وكأن الله لم يقسم الأرزاق إلا من هذا الباب.

وفي المقابل أعرف شابا من منطقتي صنع من النهاية بداية جديدة بعد أن تخرج من المرحلة الثانوية بمعدل غير مرتفع وحصل على وظيفة جندي، وبعد عمله بفترة قصيرة تم إعطاؤه إنذارا أخيرا بالفصل نظرا لعدم انضباطيته، فأخذ قرضا وقدم استقالته من هذا القطاع ورغم أن الجميع كان واقفا ضده لأنهم يعتقدون أنها نهاية رزقه، إلا أنه جعلها بداية جديدة له، فذهب بهذا القرض ليدرس في إحدى أعرق الجامعات التكنولوجية في الصين، وتخرج منها بمرتبة الشرف في بلد من المهمات المستحيلة أن تتخرج منه، فما بالك بأن تتفوق على طلابه، وكان الأمر بالنسبة له (كل نهاية تعني بداية جديدة).

نظرة للسماء:

إن كنت أنا أخطئ شيء طبيعي لأن أنا ماني نبي

ما أحدٍ عصمه الله من الأخطاء يكون الأنبياء

فعلا أنا أخطئ بس ضوي ما تشب إلا حطبي

أطمح ولولا الليل ما احدٍ شاف فايدة الضياء

(سعد بن علوش)