في (دبلن) عاصمة جمهورية أيرلندا، كانت العائلة المستضيفة لنا، عبارة عن «شايب وعجوز»، متقاعدين من «التمريض»، وكانت العجوز لديها سيارة «كوبيه» أي لا تتسع إلا لراكبين و(ذات استهلاك عالٍ للوقود)، وكانت هذه السيارة متوقفة قرابة الشهرين بلا حركة، وبعد الشهرين أخذت سيارتها في مشوار قصير، وكأنها تريد أن تثبت لنا أن سيارتها ليست مجسما.

وبعد أن تأكدنا من أن هذه السيارة «تروح وتجي» باركنا للعجوز إنجازها لهذا المشوار، ودعونا لسيارتها كذلك «أن تكثر» حركة عجلاتها حتى لا تصاب بالتجلطات في شرايين ماكينتها من كثرة الوقوف، وسألناها عن سبب هذا التوقف فقالت، إنها لا تستخدم سيارتها إلا إن كان هناك سباق للخيول في الإسطبل الذي يقع خارج المدينة، وأنها تواعد صديقاتها للمراهنة على هذا السباق، ولهذا فمشاويرها بهذه السيارة هي «لزوم الكشخة فقط» - على قولة إخواننا الكويتيين- أما باقي تنقلاتها اليومية من عمل تطوعي وعمل جزئي والتسوق والتبضع والتنزه، كل ذلك تقضيه بالـ (الترام) أو ما يسمى عندهم بالـ (LUAS) وهو القطار الداخلي للمدينة الذي يشقها من جنوبها إلى شمالها، ومن غربها إلى شرقها، وتتنقل بين هذه القطارات بما يعرف بالـ (Dublin Bus) أو حافلات التنقل داخل المدينة، وهناك باصات وقطارات للتنقل بين المدن كذلك، لذا فالتنقل بالسيارة هناك مكلف والبديل مريح ورخيص.

هذا في دبلن، أما لو كنت في الدمام مثلا وتعمل في الجبيل وهذا حال الأغلبية من سكان الدمام، فليس لديهم سيارات مخصصة للمشاوير «لزوم الكشخة» بل «لزوم أصرف على نفسي وأسرتي»، وهذا يعني أنه مضطر لخسارة ما بين 500 و800 ريال شهريا للبنزين فقط، في حال كانت سيارته من النوع العادي وليست «فخمة»، لأنه يضطر يوميا لقطع مسافة تتجاوز الـ 200 كيلومتر يوميا، وقس على ذلك باقي مناطق المملكة، التي -ولله الحمد- فضلها على كثير من غيرها من الدول بكل شيء حتى بالمساحة الشاسعة.

صحيح أنه ليس جميع المواطنين والمواطنات ظروفهم تتشابه فيما يخص استخدام الوقود، وخصوصا أن البنية التحتية للمواصلات لدينا محدودة، والأجواء لدينا حارة، ما يصعب علينا استخدام الوسائل غير المكلفة للتنقل كـ (الدباب أو السيكل أو حتى التكتك)، وكذلك حتى سيارات الديزل أو السيارات الاقتصادية أو الهجينة أو حتى المصنعة لتوفر الوقود بشكل آلي عن طريق إطفاء محركها بمجرد وقوفها عند الإشارة، على سبيل المثال، لم تصنع حتى هذا اليوم بشكل كافٍ للسوق السعودي. ما أريد قوله أننا نختلف عن باقي أسواق البترول حول العالم، إذا ما تم مقارنة شبكة المواصلات، وطريقة احتياجنا لها بالعالم، وما أريد قوله أكثر هو (إن لم أعبئ بنزينا فماذا أفعل؟).