ما أن تقف بين يدي الله المتوحد في الجلال بكمال الجمال تعظيما وتكبيرا المتفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديرا وتدبيرا، المتعالي بعظمته ومجده مستحضرا هذا الجلال والهيبة في فريضة الصلاة مبتدئا بتكبيرة الإحرام.. (الله أكبر) أكبر من كل شيء وأكبر من أن تنشغل عنه بشيء فتحضر القلب والذهن في مقابلته، وهو سبحانه أكبر من أن يعجزه طلبك ورجاؤك.

(الله أكبر) هي أكثر كلمة تردد في الصلاة وتفصل بين حالاتها ما بين وقوف وركوع وسجود.. وعند تلاوة القرآن المعظم، سورة الفاتحة السبع المثاني أم الكتاب، عليك بالتعايش مع ذلك التخاطب بين العبد وربه.. التفاعل، الاندماج الكامل مع ما تتلو، فيواطئ اللسان القلب، حيث التواصل المباشر مع الله.

وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال، يقول الله: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله سبحانه: حمدني عبدي، وإذا قال العبد: الرحمن الرحيم، قال الله جل وعلا: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال العبد: مالك يوم الدين، قال الله سبحانه: مجَّدني عبدي؛ لأن التمجيد هو: تكرار الثناء والتوسع فيه- فإذا قال العبد: إياك نعبد وإياك نستعين، يقول الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، ومعنى التفويض هذا إياك نعبد لا إله إلا الله وإياك نستعين لاحول ولا قوة إلا بالله.

قال النسفي، رحمه الله، جمعت جميع معاني الكتب السماوية السابقة في القرآن الكريم، ومعاني القرآن جمعت في الفاتحة، والفاتحة في بسم الله الرحمن الرحيم وزاد بعضهم جمعت البسملة في الباء أي بي ما كان وبي ما يكون، ولذا اسمها أم الكتاب، والصلاة إنما هي تسبيح وتعظيم وتكبير لا يجوز فيها شيء من كلام الناس وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فالصلاة المباركة الخاشعة هي قرة عين المؤمن، أقم صلاتك تنعم بحياتك وآخرتك.

وهي المفتاح والأساس لقبول الأعمال الأخرى، وهي الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر وهي رياضة وراحة للروح والبدن، متى ما تم الإحسان في أدائها حيث إن الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. وتكون على ما قال رسول الهدى والرشاد، صلى الله عليه وسلم، صل صلاة مودع. والله عليم لطيف بارئ يقابل ويخرج الشيء بما يناسبه فقد جعل جمال الديكة وحسن أصواتها أذان بحضور مخلوقات بهية الطلعة والهيبة مجبولة على الخير (الملائكة).. وجعل أصوات الكلاب والحمير المنكرة زيادة على أشكالها القبيحة أذان بحضور مخلوقات لها دمامة في الصورة مروعة ومنبع لشرور وآلام (الشياطين) وهو وحده القادر على مقابلتك وإحسان وفادتك بما يليق به بل والتفضل والرحمة والإحسان على عدله وميزانه.