لطالما ساد اعتقاد - كنت ممن اعتقدوا - بأن الإعلام مهنة من لا مهنة له، وحينما راجعت معتقداتي، فهمت أن الهواة لا يمكن ولا ينبغي أن يحلوا محل المهنيين، فليس كل من وثق حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي يحق له أن يطلق على نفسه «إعلامي»، أو كل من حصل على عضوية بسعرها الرمزي من هيئة إعلامية سعودية، أو جمعية الثقافة والفنون أن يكون عراب الإعلام السعودي.! وبات من المعلوم بالضرورة أن الفضاء التكنولوجي فتح الباب لكل من يتعامل مع أجهزة الحاسوب والأجهزة الذكية ولديه اتصال بالإنترنت، بأن يشارك بمحتوى، أياً كان نوع هذا المحتوى، وينتحل شخصية الإعلامي، بينما هنالك فرق بين المحترفين من الإعلاميين، وبين من له هواية أو مآرب أخرى.

والذي يزعجني من هذا الأمر أن هؤلاء المدعين عبثاً، ليست لديهم أقلام يكتبون بها، ولا برامج تلفزيونية يقدمونها أو يعدون محتواها، ولا يقدمون أي لون من ألوان الثقافة السعودية، وثقافتهم مستواها متدن، ناهيك عن أنهم متربعون وسط الأمية الإعلامية بكل أريحية، وأكثر ما يملكون تطبيقات على منصات التواصل الاجتماعي يبثون عليها محتوى فارغا، يبين لك إلى أي حضيض تنحدر ثقافتهم.

ومما هو محل إجماع للعقلاء، أنه أصبح المهرجون والطبالون والرقاصون و(الرقاصات) عبر السوشال ميديا، يلقبون أنفسهم بـ الإعلاميين أو الإعلاميات، أوالمثقفين والمثقفات بقصد الوصول إلى الثراء السريع، وتحقيق مكاسب أخرى في عالم المال والأعمال، والحصول على الوجاهة الاجتماعية وخاصة في ظل انتشار السوشال ميديا في أيدي جميع الناس.

لا ألوم هؤلاء المتسلقين حينما أرى هيئة محسوبة على الثقافة السعودية والإعلام السعودي تعطي عضويتها أيا كان مسماها لكل من هب ودب.! ولو قالوا لنا - يا جماعة افزعوا لنا بالهبات والتبرعات - لأعطيناهم لوجه الله لا نريد منهم جزاءً ولا شكورا، غير أننا نحمي ثقافتنا وإعلامنا من هؤلاء العابثين.

وقد بات واضحاً - وأنا ممن يقولون إنه كان واضحاً من زمن - أن الإعلاميين والنخبة المثقفة سُحب منها البساط ليس لعدم كفاءتها وجدارتها بل لأنها خاملة، وتركت الساحة فارغة لهؤلاء، ليكونوا قادة التوجه لثقافة المجتمع والإعلام.