ما بين الحصول على مزيد من المرونة في مواجهة التهديدات العالمية الناشئة، وبين خطر إلحاق الضرر بإستراتيجية تحالف واشنطن في أوروبا وخارجها، تبدو التفسيرات متناقضة لقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سحب القوات الأمريكية في ألمانيا. وذكر المعهد العالمي للدراسات الإستراتيجية (iiss) في تقرير أن «مسؤولين دفاعيين أكدوا أن هذه الخطوة عسكرية، بينما صورها ترمب على أنها عقوبة لمستويات الإنفاق الدفاعي المنخفضة لبرلين».

جهود توضيح

بذل وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، وقائد القيادة الأمريكية الأوروبية (يوكوم) والجنرال تود وولترز جهودا مضنية للتأكيد على أن قرار سحب القوات كان في الأساس عسكريا بطبيعته، مدفوعا بالرغبة في تحسين الموقف العسكري الأمريكي بما يتماشى مع إستراتيجية الدفاع الوطني الحالية (NDS) مع تحسين قدرة الناتو على ردع روسيا.

واقترح مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين أن هذه الخطوة تهدف إلى تحرير القوات للسماح للولايات المتحدة بمواجهة روسيا والصين بشكل أفضل.

لكن ترمب قال إن السبب في ذلك هو أن ألمانيا فشلت في تلبية هدف الناتو للإنفاق الدفاعي البالغ 2 % من الناتج المحلي الإجمالي.

التغييرات المقترحة في EUCOM تهدف إلى تزويد الجيش الأمريكي بمزيد من المرونة والقدرة على مواجهة تحديات روسيا الصاعدة، والصين المتطورة بشكل متزايد، والقضايا الدائمة مع إيران وكوريا الشمالية، وعلى هذا النحو، تبدو التغييرات المخطط لها في ألمانيا جزءا من إعادة انتشار عالمية لقدرات أمريكا.

التخفيض الألماني

ستخفض الخطط المعلنة عدد الموظفين الأمريكيين المعينين بشكل دائم في ألمانيا بنحو 12000، من حوالي 36000 إلى حوالي 24000.

من هذا التخفيض، سيتم تحقيق أكثر من النصف بقليل (حوالي 6400) عن طريق نقل الوحدات والتشكيلات من ألمانيا إلى أمريكا، بينما سيتم إعادة توزيع الباقي (حوالي 5600) إلى مواقع أخرى في أوروبا، ولا سيما بولندا وبلجيكا وإيطاليا.

كما سيتم نقل مقر يوكوم نفسه، بما في ذلك فرع العمليات الخاصة SOCEUR، من شتوتغارت في ألمانيا إلى مونس في بلجيكا، كما سيتم إضافة إلى ذلك، نقل ثلاثة تشكيلات أخرى غير محددة على مستوى الألوية، إضافة إلى كتائب دفاع جوي وهندسة مجهولة الهوية، إلى بلجيكا. علاوة على ذلك، تم إلغاء نقل مخطط لأفراد القوات الجوية الأمريكية من سلاح الجو الملكي البريطاني بميلدنهال في المملكة المتحدة إلى سبانجداهليم بألمانيا.

ولا توحي التحركات بسياسة متماسكة لتركيز موارد الولايات المتحدة على البلدان ذات الإنفاق الدفاعي الكبير، فقد بلغ إجمالي الإنفاق الدفاعي لبلجيكا وإيطاليا وبولندا في عام 2019 نحو 40.1 مليار دولار أمريكي مقارنة بـ53.8 مليار دولار أمريكي لألمانيا في نفس العام. من بين هذه البلدان الأربعة، أنفقت بولندا فقط 2 % من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع في عام 2019.

تحسين قوة الردع

من تم سحبهم هم مجاميع الأفراد الأمريكيين المعينين بشكل دائم فقط، ولا يشمل أيا من الأفراد المعينين للوحدات والتشكيلات المنتشرة على أساس التناوب. في الواقع، من المرجح أن تقوم قيادة الاتحاد الأوروبي (EUCOM) بتعويض انخفاض تواجدها الدائم عن طريق زيادة حجم قواتها الدورية، مثل تلك التي يتم نشرها في بولندا.

ومن خلال تقليل حجم وجوده الدائم في الخارج وزيادة حجم مجموعة «الاحتياط الإستراتيجي» لقوات الانتشار المحلية، يحسن الجيش الأمريكي قدرته على ردع الأعمال العدائية من خلال إظهار قدرة متزايدة على الرد على التهديدات ونشر التعزيزات، لكن التحركات الأخيرة والانسحاب من ألمانيا أثار سوء فهم حول سياسة واشنطن في أوروبا وتجاه حلف الناتو، وحاول مساعد الرئيس الأمريكي للأمن القومي روبرت أوبراين إجراء محادثات في باريس مع مسؤولين من فرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا لمدة 3 أيام، بهدف نقل وجهة نظر ترمب بشأن قضايا السياسة الخارجية المثيرة للجدل، حيث يعاني أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون من سوء فهم متبادل.

الوجود المهم

فيما بدا أن ترمب أراد من خطوة سحب قواته من ألمانيا معاقبة هذه الأخيرة، والضغط على برلين لدفعها إلى إنفاق المزيد على الدفاع وتقليص تعاونها مع روسيا في مجال إمدادات الطاقة، بيّن الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ أن وجود أمريكا في أوروبا مهم بالنسبة للجميع، وعنى حتما القوات الأمريكية، وقال «هذا الوجود مهم للطرفين على حد سواء، وشخصيا أرحب بما شهدناه خلال السنوات الماضية من وجود أمريكي متزايد في أوروبا وتحديداً في بولندا وقيادة مجموعة قتال هناك مع وجود أكبر في دول البلطيق ومنطقة البحر الأسود وأماكن أخرى».

وحول ما إن كان الانسحاب من ألمانيا يأتي ضمن حملة ترمب لانتقاد الناتو، وقال «الوجود الأمريكي في أوروبا لا يتعلق فقط بحماية أوروبا، ولكنه أيضا يتعلق باستعراض القوة الأمريكية خارج أوروبا. نحن نعلم أن عددا من العمليات الأمريكية في العراق وأفغانستان وإفريقيا تخرج من قواعد الولايات المتحدة في أوروبا. القيادة الأمريكية في إفريقيا ليست في إفريقيا، بل في شتوتغارت في ألمانيا. مهم أن نحافظ على وجود كبير لأمريكا في أوروبا لأن ذلك مهم لكل منهما».

80 % من نفقات الدفاع للناتو تأتي من حلفاء من خارج الاتحاد الأوروبي.

60 % من سكان الناتو لا يعيشون في دولة من دول الاتحاد الأوروبي

أمريكا تسحب 12 ألفا من جنودها في ألمانيا

6400 جندي يعادون إلى أمريكا.

5600 جندي يعاد توزيعهم في أوروبا.

فوج الفرسان الثاني يعاد إلى أمريكا.

تعداد الجنود الأمريكيين في

ألمانيا وصل إلى 36 ألفا.

مقر يوكوم نفسه ينقل من شتوتغارت في ألمانيا إلى مونس في بلجيكا.

سرب المقاتلات 480 وكتيبة الاستطلاع ومدفعية للواء 173 المحمول جواً توزع إلى إيطاليا