(1)

لا يوجد أكثر مواربة في أشعار العرب أكثر من بيتي الشعر الشهيرين:

ولست أرى السعادة جمع مال ٍ

ولكن التقي هو السعيد

وتقوى الله خير الزاد ذخراً

وعند الله للأتقى مزيدُ

قالها الحطيئة ومضى، وهو أكثر الناس في عصره طمعا، وسؤالا، وبخلا، وأقذع لسانا!

(2)

ويقول أبو الفتح البستي:

ويا حريصاً على الأموالِ تجمعُها

أُنْســيتَ أنَّ سرورَ المالِ أحزانُ

زع الفؤاد عن الدنيا وزينتها

فَصَفْوُها كدرٌ والوصلُ هِجْـرانُ

وهو الرجل الذي عاش غنيا بفضل وظيفته كاتبا في البلاط «الغزنوي» بعد أن قضى العمر معلما للصبيان.. ولا أظنه قام بذلك مجانا!

(3)

لا يفوتن ذا لبٍّ أن تقوى الله فرض على النفوس لتنجو في الدارين، ولكن ما مبرر محاولات زرع الوهم في العقل الجمعي أن التقوى لا تجتمع والبحث عن المال؟!

ولمَ يقم بذلك - بضراوة – أولئك الذين «تئن» أرصدتهم من هول الأرقام الفلكية التي تتزايد بشكل متسارع – اللهم لا حسد؟!

(4)

يدعو إلى الزهد ، ويتنقل بين «الفقراء» ، ويدخل في «مشروعات» جمع الأموال من أناس لا يملكونها، ويتكبد مشروعات إعتاق الرقاب، والتنازلات الحقوقية، ويتباكى بوجهٍ لم يبق به ماء، والساعة بخمسة جنيه والحسابة بتحسب!

(5)

«ولاتنس نصيبك من الدنيا»، و»المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف»، نصوص لدين عظيم يأمرك بالعمل، وجمع المال، إضافة إلى تقوى الله، التي تمنح العمل نجاحا، والمال بركة، كما تمنحك البصيرة لفرز الطيبين من الماكرين!