يكمل قائلا: وفي عنبر المحكوم عليهم بالـ «إعدام»، قابلت رجلا كنت أناديه من بداية لقائنا «يا عم»، وجلس «عمي» هذا يروي لي سبب تواجده في هذا المكان، وقد تختلف التفاصيل بين قصصنا ولكن «الشيطان واحد» ونص إعلان تنفيذ القصاص في الأخبار «واحد».
المهم أن «عمي» هذا قال لي جملة واحدة: (الدنيا هذي ما عليها حسوفة، ولكن أتمنى ما يقصوني وبنتي تتعذب في هذي الدنيا، ودي أزوجها رجال يحبها زي ما أنا أحبها وأخاف عليها)، قال صاحبنا لا أعرف كيف «انسحبت من لساني» وقلت متهكما على قدري المحتوم تحت حد السيف ومستقبلي المنتهي قريبا «وش رأيك أتزوجها يا عم»، فقال «وأنا وافقت».
ومن لحظتها وكأن النصيب هو ما أنجز بقية التفاصيل، فقد رفعوا طلبا لمأمور السجن وتم تزويجه، وتمكينه من الخلوة الشرعية بزوجته، وقال من أصعب المواقف (حينما أغلق علي وزوجتي باب غرفتنا للمرة الأولى، أحسست أنني أحببتها من النظرة الأولى أكثر مما أحببت والدها، ولكنني أتمنى أن يتوقف قلبي عن المشاعر التي نهايتها مؤلمة بلا شك، ولكن كما أن عضلة القلب تنبض لا إراديا فكذلك مشاعره تتدفق لا إراديا، وحملت زوجتي وحينما حضنت ولدي للمرة الأولى ألمّ بي نفس ذلك الشعور في ليلة الدخلة، ومما زاد طينة هذا الشعور بلة أنني أسميت ابني هذا على اسم «عمي» والذي تم تنفيذ حد القصاص به قبل أيام من تاريخ ميلاد حفيده، وأقول في نفسي «أحسن يقصوني قبل لا يكبر ولدي ويتعلق فيني»).
المهم أن قصة هذا الشاب الذي خلّف وهو خلف القضبان، تناقلت في أوساط المجتمعات في الرياض، حتى وصلت إلى «أهل الدم»، وبعد أن رأوا هذا المولود قاموا بالعفو عن قاتل ابنهم إكراما لطفله المولود، وخرج هذا السجين وهو شخص آخر يقبل أقدام والده بعد أن كان يعصي أوامره.
ما أريد قوله أننا قد نكون أغدق علينا بالمشاعر ممن يحبنا ونتجاهله ونتجاهل ما يقوله لنا بدافع الحب، حتى يأتي يوم نجد أنفسنا قد حكمنا على أنفسنا بالإعدام، سواء أكان «إعدام الضمير» أو «إعدام رد الجميل» أو..... أو..... إلخ، ولكن يا ترى هل سيقف الزمن في صفنا ويسخر الله لنا الأقدار كما سخرها لهذا السجين أعلاه، والذي بشرته ملائكة السماء بعد أن استحكمت عليه أقفال الأرض ببشارة تقول (سينقذك من لم يُخلق بعد).
نظرة للسماء: سيفتح الله بابا كنت تحسبه ••• من شدة اليأس لم يخلق بمفتاح