خلق الله البشر مختلفين، في شؤون الدنيا (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين)، وفي شؤون الدين (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً)، وهكذا في كل الحياة (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك).

وهذه السنة الكونية الربانية نتعامل معها بالسنة الشرعية الإلهية، وذلك بسعة الأفق، ومنح الحرية للرأي تفكيراً وتعبيراً، دون تحكم من صاحب الرأي، ولا مصادره ضده، بل الحياة تتسع للجميع، وكلما زاد علمك زاد احترامك لغيرك.

ومع كل هذا الانفتاح العالمي، حيث أصبحنا في قرية كونية صغيرة ببركة القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية، إلا أننا لا نزال نلحظ ضيق العطن في احترام الخلاف الفكري، سواء في شؤون الفقه الشرعي، أو الاجتهادات الحياتية، وكأن كل هذا التعليم والإعلام والثقافة والتقنية لم توسع تلك العقول الضيقة.

أقول هذا وأنا أرى خلافات لا تليق، وهاشتاقات لا تعقل، تجاه رأي آخر لم يرُق لبعض الناس، ثم كالعادة ما هي إلا فترة زمنية وإذ بغالب من خالفوه يمارسونه وينكرون ممانعاتهم.

يجب أن تفرق بين الرأي والقرار، فالرأي حق تعبيري غير ملزم لك ولا حق لك بمنعه، في حين أن القرار عكس ذلك، ومع ذلك نجدهم يعارضون مجرد الآراء ثم يصفقون للقرارات وهي ملزمة ولو كانت ضد رغبتهم، وهذا التناقض لا يليق بدولة من مجموعة العشرين.