كوني جميلة واصمتي، مقولة للشاعر الفرنسي شارل بودلير، مع كل هذه السنين ما زالت حاضرة وبقوة حتى الآن النظر للمرأة فقط جسد بلا شخصية بلا روح، ولو استعرضنا التاريخ لوجدنا هذه المقولة تتكرر في كل زمان ومكان ومع جميع الشعوب أفكار مشابهة لفكرة بولدير.

في الهند مثلاً كانت المراة لا تساوي شيئاً فكانت حينما يموت الرجل يحرق وتحرق معه زوجته.

في الديانة اليهوديه يتلون دعاءهم كل إشراقة صباح "مبارك أنت يا رب أنك لم تخلقني وثناً أو أمراة ولا جاهلاً"، في حين تردد المرأة ذات الدعاء، وتقول "مبارك يا رب أنك خلقتني بحسب مشيئتك".

في المسيحية كانوا يعتقدون أن المراة أصل الشرور ومنبع الخطايا والآثام وأنها روح بلا جسد، ثم قرروا أنها جسد بروح دنيئة!

فيما كانت العرب قبل الإسلام تدفن بناتها عند ولادتهن خشية العار والفقر وتحرم من الإرث، فكان يُقال "لا يرثنا إلا من يحمل السيف ويحمي البيضة".

حتى بعد وفاة الرجل تصبح زوجة الأب من حق الابن الاكبر فهي تُعد إرثاً من ضمن أموال أبيه.

حينما ظهر الإسلام جاء القرآن الذي أنزل من فوق سبع سماوات فكرم المرأة ورفعها عن كل ذلك، وأكثر من هذا فلم ينصف المرأة دين مثل الإسلام، ومع ذلك وفي بلاد الإسلام يأتي من يقول حينما يذكر اسمها بـ"أعزكم الله" أو يرفض ويتحرج من ذكر اسم من سهرت الليالي وأفنت عمرها وصحتها لأجله لأسباب أو موروثات عنصرية أو أيديولوجية فكرية ما بين التاريخ والمجتمع.

وهناك من ينتقص المرأة ومن طبيعتها الأنثوية باسم الدين أيضاً، وهذه الطبيعة لا تعيب المراة، وإنما تميزها وتكمل فيها الرجل، ويتناسون قول الرسول صلى الله عليه وسلم "رفقاً بالقوارير"، و"استوصوا بالنساء خيراً"، و"خيركم خيركم لأهله" وغيرها.

وفي جانب آخر صنفت مقولات عالمية شهيرة ذات طابع ساخر لربط المرأة بالشيطان:

ـ الشيطان أستاذ الرجل وتلميذ المرأة.

ـ ما لا يقدر عليه الشيطان تقدر عليه المرأة.

- الشيطان يحتاج لساعات طويلة ليخدع رجلاً أو امراة، في حين تحتاج المرأة لساعة واحدة لتخدع عشرة شياطين.

- إذا أخفق الشيطان في التسرب لمكان أرسل المرأة.

الخبر الجيد فيما مضى أن المرأة رغم كل هذه التحديات حولها وكل الحواجز استطاعت شق طريقها، حاربت بالعلم والعمل حتى إنها في أحيان كثيرة تفوقت على نظيرها الرجل، وأثبتت جدارتها في جميع المجالات، وكل ما حولنا يشهد بذلك وبجدارة عالية استحقت كل ما وصلت إليه دون مساعدة، ورغم كل الحواجز حولها في وسط ومجتمع ذكوري بامتياز، ولهذا كله لم تعد مقولة بودلير بذات الأهمية، بل ربما تحتاج إلى تصحيح، وهو "كوني جميلة ولا تصمتي".