وعلى الرغم من أن الدستور الإيراني يحظر القواعد العسكرية الأجنبية على أراضي البلاد، إلا أن إيران عرضت 3 من قواعدها البحرية لتمكين روسيا من استخدامها، وهو ما فسره مراقبون بأنه يشير إلى مدى صعوبة الوضع العسكري الذي تجد إيران نفسها فيه الآن، ويمنح روسيا، التي تعمل مع البحرية الإيرانية أو بشكل مستقل، فرصة لتوسيع قدرتها بشكل كبير على نشر قوات في الخليج وما وراءه.
وفتح صراع أرمينيا وأذربيجان الباب على مصراعيه لتعاون عسكري روسي إيراني، يهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز النفوذ الإيراني في الخليج، ومعارضة وجود الولايات المتحدة الأمريكية فيه، ويهدد ممرات شحن النفط الحيوية في هذا الممر الحيوي عالمياً، ويمنح موسكو كذلك مساحة أوسع في البلدين المتصارعين (أذربيجان وأرمينيا) مقابل تجنب طهران التدخل في شؤون الجارين الشماليين لها.
وسمح اندلاع الصراع الأخير بين يريفان وباكو، بتوسيع العلاقات العسكرية الروسية والإيرانية، والتي لا تنطوي فقط على العلاقات العسكرية المشتركة، بل وكذلك على مناورات في بحر قزوين والخليج، وتبدى ذلك جليا في عرض طهران لموسكو استخدام ثلاث قواعد بحرية على ساحلها الخليجي.
حديث قديم متجدد
تتحدث روسيا وإيران عن توسيع علاقاتهما العسكرية منذ عدة سنوات، لكن تعاونهما اتخذ في الأسابيع القليلة الماضية شكلاً أكثر واقعية، وهو ما احتفت به طهران في وسائل إعلامها، فيما قللت موسكو من شأنه حتى الآن.
وتواصلت المحادثات بين موسكو وطهران حول توسيع التعاون العسكري منذ صيف 2019. وفي ذلك الوقت، ورد أن الجانبين وقعا في طهران اتفاقية لتعزيز هذه العلاقات في 30 يوليو 2019، تباهت المنافذ الإعلامية الإيرانية بها حتى مع التزام موسكو الصمت رسميا. بعد ذلك، في أغسطس 2020، جاء وفد عسكري إيراني كبير إلى موسكو للتحضير للمشاركة الإيرانية في مناورات قفقاس (القوقاز) الروسية 2020، ولمناقشة مزيد من الخطوات نحو تحقيق تحالف عسكري.
ووفقا للمعلق العسكري الروسي المستقل كونستانتين دوشينوف، وفي مقال حديث فإن الجانبين «اتفقا على إجراء مناورات بحرية منتظمة، ليس فقط في بحر قزوين غير الساحلي ولكن أيضا في الخليج ومضيق هرمز».
موقف أمريكي
ضجت وسائل الإعلام الروسية والإيرانية بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة قلقة من احتمالات مثل هذا التعاون، مستشهدة بمقال نشر في Military Watch في 22 سبتمبر الماضي يقول «لا تريد واشنطن أن تقوم إيران بتحديث ترسانتها من خلال شراء أسلحة روسية، وهو أمر يبدو الآن مرجحا ما لم تغير موسكو مسارها بشكل غير متوقع.. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة والغرب سيكونان أكثر انزعاجا إذا تم تنفيذ عرض إيران بتقديم 3 قواعد بحرية للاستخدام الروسي - تشابهار وبندر عباس وبندر-بوشر.
موقف غامض
لم يذكر المسؤولون الروس بعد ما إذا كانت موسكو ستقبل العرض، لكن محللين أمنيين مستقلين مثل سيرجي إيشينكو واثقون من أن البحرية الروسية ستفعل ذلك وستمضي قدما، لتحويل الوجود الروسي في هذه المنشآت الإيرانية الثلاثة إلى شيء آخر، وبالتالي إنشاء قواعد بحرية روسية جديدة في الخارج، تماما كما فعلت في حالة سورية سابقا.
قد يكون هذا أكثر إشكالية مما يعتقده إيشينكو بالنظر إلى أن الدستور الإيراني يحظر القواعد الأجنبية على أراضي البلاد، وأن المجتمع الإيراني مشهور برفض امتلاك أي قوات أجنبية قواعد على الأراضي الإيرانية. ومع ذلك، يشير عرض طهران في الوقت نفسه إلى مدى صعوبة الوضع العسكري الذي تجد إيران نفسها فيه الآن.
هجوم بطائرة مسيرة
يضيف كاتب سفوبودنايا برسا،سيرجي إيشينكو، مع ذلك أن»آفاق التعاون الروسي الإيراني، ليس فقط في منطقة بحر قزوين الحبيسة ولكن في الخليج، قد أثارت بالفعل مخاوف بين المسؤولين في واشنطن بشأن المستقبل، وهو ما أكد صوابه الهجوم الإيراني بطائرة مسيرة على سفن تابعة للبحرية الأمريكية في الخليج، ويشير إلى أن طهران ربما تكون قد شُجعت لأنها مدعومة من روسيا«.
إضافة إلى ذلك، نقل عن الأدميرال الإيراني حسين هانزادي قوله إنه»من الآن فصاعدا، ستجري موسكو وطهران بانتظام مناورات مشتركة«ليس فقط على بحر قزوين ولكن في الخليج، الأمر الذي سيعقد أي رد أمريكي.
إن رد الولايات المتحدة على أي أذى إيراني هناك شيء، والرد على شيء تفعله روسيا إما وراء غطاء إيراني أو، في النهاية، بجرأة بمفردها، شيء آخر.
هدف بعيد
كل هذا يحدث في الوقت الذي يستمر فيه الصراع الأرميني الأذربيجاني في آخر مرحلته»الساخنة»، ولكن قد لا يكون غير مرتبط بذلك التطور، نظرا لأن طهران تريد التعاون البحري الروسي بشدة، فقد تكون موسكو في وضع يسمح لها بالإصرار على أن تكبح إيران نفسها من التورط بأي شكل من الأشكال في الصراع بين الجارتين الشماليتين لطهران، مما يمنح الروس نفوذا أكبر هنا، يمكن أن يساعد ذلك في الحد من الصراع بين يريفان وباكو، ولكن فقط على حساب فتح الطريق أمام توسع دراماتيكي في الوجود العسكري الروسي خارج حدودها ضد الغرب.
- طهران تعرض 3 قواعد للاستخدام الروسي
- طهران تريد الاختفاء خلف ظهر موسكو في مشاكلها بالخليج
- العرض يؤكد المأزق العسكري الإيراني
- موسكو متحفظة على التعاون مع طهران رغم أنه يمنحها نفوذا أكبر
- تشجيع روسي قاد إيران للاعتداء بطيارة مسيرة على سفن أمريكية