ليس هناك أسوأ من أن يعيش المرء على هامش أي مجتمع خاصة عندما يكون في مقتبل العمر، ولديه التأهيل الكافي والقدرة على العمل والإنتاج، ويتطلع لبناء مستقبله، غير أنه يجد نفسه وقد اصطدم بعدم توفر الوظيفة أو العمل الذي يحقق طموحه.

لا يختلف اثنان على مرارة البطالة، غير أن الكثير لا يدركون خطورتها، وقد يعتقدون أن الأمر لا يتعدى أن يكون قضية شخصية لشاب أو شابة ليس إلا.

وبحسب تقرير أصدرته، الأربعاء، منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة قدر عدد العاطلين عن العمل في العالم في 2018 بـ172 مليون شخص، بينما خسر العالم ما يقارب 440 مليون وظيفة في النصف الأول من 2020 بسبب جائحة كورونا المستجد، حسب تقديرات منظمة العمل الدولية.

وبحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية البشرية على موقع ويكبيديا عن نسبة البطالة بين عام 2016-2018 ، فقد سجلت فنلندا %8، أمريكا %8.6، فرنسا %9.6، إيطاليا %11.6 إسبانيا 16.4%، اليونان %20.6 وسجلت السعودية %12.9.

نسب البطالة السابقة تؤكد أنها قضية دولية تقض مضاجع حكومات العالم لكون أبعادها متعدية إلى تهديد الأمن القومي والأمن الاجتماعي والصحي والنفسي والأسري والفكري وغيرها.

قد يتساءل البعض، لماذا البطالة تقض مضاجع العالم وهل هذه مبالغة مفتعلة؟ غير أن هذا المتسائل قد تتغير نظرته حينما يدرك حقائق، ومنها أن العاطل قد يجد نفسه ناقماً على وطنه ومجتمعه وأسرته، وربما تذهب به الأفكار الشيطانية إلى التعدي على تلك المكونات المشار إليها، بل يتجاوز به الأمر إلى النيل من ذاته بتعاطي الممنوعات لتغييب عقله عن واقعه المرير، وقد يصل إلى إيذاء بعض المحيطين به ، وربما يصل إلى أسوأ من ذلك من خلال الانتحار أو قتل الآخرين وربما الأمران معاً، كما دونته قضايا جنائية في دول مختلفة.

العاطل يجد نفسه عالة على أسرته، فهو كصاحب الإعاقة الذي لا يقبل نظرة الشفقة إليه، الأمر الذي يدعوه للسرقة من أفراد أسرته بدلاً من مد اليد إليهم أو انتظار ما يجودون به عليه. هو أيضاً يتوهم نفسه ضحية لمجتمعه الذي يرى أنه قد خذله ولم يوفر له العمل الشريف الذي يجعله يعيش حياة كريمة أسوة بغيره، لهذا يجد لنفسه مبررات للسطو على ممتلكاتهم التي ربما يزعم أنها جزء من حقوقه المصادرة في مجتمعه الظالم، هكذا يزعم.

العاطل يهدد الأمن الوطني الصحي من خلال تعرضه شخصياً للأمراض الجسدية والنفسية وربما العقلية، وقد يعرض المهتمين به من أقرباء من الدرجة الأولى لتلك المخاطر الصحية والنفسية، ما يكلف الوطن خسائر بشرية ومادية لا حصر لها.

الكارثة الأعظم، أن هذه الفئة قد تكون عرضة لاختطافهم من قبل مروجي الممنوعات، وأصحاب الأفكار المتطرفة التي هي الخطر الحقيقي على الأسرة الصغيرة والمجتمع والوطن برمته.

العالم يفقد خدمات هائلة وإنجازات عظيمة من خلال تعطيل الشباب والشابات عن العمل والإنتاج والمشاركة في التنمية والاقتصاد .

لهذا تعمل دول العالم قاطبة على محاولة حل هذه المعضلة، ومنها بلادنا التي توفر الدعم الشخصي للعاطلين عن العمل من خلال توطين بعض الوظائف في القطاع الخاص، وتقديم القروض المالية لمشاريع الشباب التجارية، لكون القطاع العام لا يمكن أن يستوعب وظائف كافية لكل طالبي العمل.