بين مدافع عن حق الطبيب في تحديد سعر الكشف الطبي الذي يطلبه ويراه متناسباً مع علمه وخبرته ومكانته الطبية، وبين من يرى أن مهنة الطب أسمى من أن تجنح ليشوبها الطمع، تنقسم آراء الشارع، فيما يُتهم أطباء في القطاع الخاص ـ على وجه الخصوص ـ بأنهم يتحركون بدافع من الشجع والتكسب المادي المبالغ فيه على حساب المرضى وقدراتهم المادية.

ورصدت «الوطن» أسعار الكشف الطبي لعدد من الأطباء، وتبين لها أن متوسط سعر كشف الطبيب الاستشاري يراوح بين 300 و400 ريال، وأحيانا يتخطى ذلك ليصل إلى 600 ريال.

كما لاحظت «الوطن» أن سعر الكشف في بعض العيادات لأحد التخصصات يصل إلى 1000 ريال، كما لاحظت تباينا في سعر الكشف بين فرع وآخر للمستشفى نفسه، حيث وصل في أحد الفروع إلى 400 ريال فيما وصل في الفرع الآخر إلى 600 ريال، وهو ما بررته إحدى موظفات المستشفى بأنه يعود إلى أن «الطبيب يقضي وقت أطول مع المريض في هذا الفرع، مع توفر مواعيد أسرع، فيما لا تختلف جودة الخدمة، فهي واحدة في كل الفروع».

نظام وتحديد

يشير استشاري النساء والولادة والعقم البروفيسور حسن جمال إلى ضرورة أن يكون هناك نظام أو لائحة تحدد قيمة الكشف الطبي في حدود معقولة، وذلك بالاستناد إلى شهادة ودرجة الطبيب وسنوات خبرته ونوع تخصصه، بحيث يلتزم بها الجميع.

وعن دور وزارة الصحة في مسألة تحديد الأسعار، بيّن مؤسس ومدير المستشفى الجامعي بجامعة المؤسس سابقا، المدير العام السابق لعدد من مستشفيات القطاع الخاص بجدة الدكتور فؤاد عزب أن «الأصل في هذه المسألة أن يقدم المستشفى الخاص لوزارة الصحة تسعيرات ومن ثم يتم الموافقة عليها، وعندها لا ينبغي للمستشفى أن يحيد عن السعر المتفق عليه، فإذا ما تلاعب بالأسعار حقّ للوزارة أن تتدخل وتحقق وتوقف التلاعب».

جشع الطبيب

أكد عزب أن غالبية الأطباء السعوديين الأكفّاء في القطاع الخاص يضعون كشفيات معقولة مقارنة بالتسعيرات خارج المملكة، وهولاء يشكلون من 90 حتى 95 % من الأطباء، ويقول «عندما أدخل الطبيب السعودي للعمل في القطاع الخاص فإن ذلك يتم بهدف رفع جودة الخدمات، خصوصاً أنه أثبت كفاءته، ولذلك عليه أن ينتفض للدفاع عن سمعته وعدم السماح للقلة بتشويهها».

وتابع «نأتي للجشعين الذين يشكلون نسبة 5 حتى 10 % من المجموع، وهؤلاء هم السبب في تشويه سمعة الطبيب الكفء، حيث يتقاضون مبالغ فلكية، واللوم لا يقع على هذا الطبيب بل على من مكنه من الجشع، وهم المرضى الذين يذهبون لهذا الطبيب بعينه على الرغم من وجود أطباء غيره وبنفس الكفاءة، وغالبية من يصر على طبيب بعينه هن النساء، على الأخص في مسألة متابعة الحمل والولادة، كما يقع اللوم على المستشفى الخاص الذي يعمل به الطبيب، والذي يسهل له هذه الممارسات ويغض الطرف عنها لأنه بشكل وآخر مستفيد منه، وهمه الكسب المالي، كما يقع اللوم على الجهات الرقابية التابعة لوزارة الصحة التي قد تعلم عن هذا الطبيب وجشعه دون أن تحرك ساكنا».

فئات من الأطباء

أوضح عزب أن الأطباء الذين يعملون في القطاع الخاص هم على 3 فئات.

الأول: الطبيب عضو هيئة التدريس المصرح له بالعمل في القطاع الخاص خارج وقت عمله الرسمي.

الثاني: الأطباء من منسوبي القطاع الحكومي والمعارين رسميا من جهة عملهم للعمل في القطاع الخاص (هذا في الغالب لا يحدث، حيث يقومون بالعمل دون إذن الجهة التي ينتسبون إليها).

الثالث: الطبيب (المضطر) للعمل في القطاع الخاص مثل علماء وأساتذة جامعة أم القرى، حيث إنهم لا يملكون مستشفى جامعيا يقومون فيه بمزاولة المهنة.

وهذه الفئات الثلاث تبرم عقودا مع المستشفيات الخاصة دون علم شركات التأمين، والطبيب هو من يحدد سعر الكشف وكلفة العملية وكل الخدمات التي يقدمها، وهذه الأمور الخفية التي لا تتضح للمريض هي التي تسبب إشكالا في فهم آلية الأسعار.

وعن التراشق اللفظي بين الأطباء، وانتقاد كل منهم الآخر على الملأ فيما يخص الأسعار، يرى البروفيسور جمال أنه «ليس من حق الطبيب نظاماً أن ينتقد قيمة الكشف الطبي لزميله، والمفترض أن هناك جهات رسمية مختصة بهذا الموضوع يتم الرجوع إليها بهذا الشأن».

دور رسمي

تشير تصريحات سابقة لوزارة الصحة إلى أن الخدمات التي تقدمها المؤسسات الصحية الخاصة تبقى خاضعة لنص المادة السابعة من نظام المؤسسات الصحية الخاصة، وأن هناك لجنة تضم ممثلين من 7 جهات تحدد متوسطاً لأسعار الخدمات التي تقدمها تلك المؤسسات، وتبنيها على معايير معينة، وبالتالي تتراوح هذه الأسعار بين حدود بعينها، وتراجع مرة كل 3 سنوات.

وبينت الوزارة أن على المؤسسات الصحية الخاصة إعلان أسعار خدماتها للمراجعين والالتزام بها بعد اعتمادها من الوزارة.

جهات تحدد متوسط الأسعار

- وزارة الصحة

- التعليم

- القطاعات الصحية العسكرية

- مجلس الضمان الصحي التعاوني

- مجلس الغرف التجارية الصناعية

- شركات التأمين الصحي