وأخيراً إدارة المرور تعلن تطبيق مخالفات الرصد الآلي لمخالفي عدم الالتزام بحدود المسارات المحددة على الطرق، ورغم أن هذا القرار تأخر كثيراً، فإنه كان عليه عدة ملاحظات أكتفي هنا بواحدة.

إدارة المرور، وقبل تطبيق هذه المخالفة، كان يفترض أن تنسق مع الجهات ذات الاختصاص لتجهيز مسارات الطرق والشوارع، خاصة وأن بعض مسارات شوارعنا غير متضحة المعالم، والأخرى تفاجئك بمسار جديد يضطرك لارتكاب مخالفة الدخول في مسار آخر والتعدي على حقوق غيرك، وربما تنالك أسوأ الكلمات أو الدعوات.

هذه الملاحظة لا تعني أن كل الطرقات والشوارع عندنا غير مهيأة لتطبيق القرار، والمفترض أن إدارة المرور تتجاوز مخالفات تلك المسارات غير الواضحة، سيما وأن هناك خاصية الاعتراض على المخالفات.

ما يحصل من سلوكيات سلبية في التعدي على مسارات الآخرين أثناء قيادة السيارة أمر تجاوز حدوده ولم يعد يطاق.

حين تلتزم بمسارك في الطريق وتقضي الوقت الطويل احتراماً لذاتك ولحقوق غيرك، يأتيك من يختطف مسارك يمنة أو يسرة ويقدم «صدّام» سيارته إعلاناً على عزمه شن الحرب ضدك.

في هذه الحالة، أنت أمام خيارين، إما أن تمنعه أيضاً بصدام سيارتك وتصبح في مبارزة «صدّامات»، وقد تفقدك أعصابك ويتحول الأمر إلى «مصارعة مركبات»، وقد تنتهي بأمور لا تحمد عقباها. الخيار الثاني، هو أن تشتري دماغك وأعصابك وتدع الآخر يمر رغم شعورك بمرارة التعدي على حقك وحقوق كل الذين خلفك.

القضية لا تتوقف على واحد ولا اثنين، فهناك رتل من السيارات خلف هذا المخالف وكلهم في مسارات خطأ يبحثون عن ثغرة للدخول في مسارك الصحيح. يحدث هذا بكثرة عند الإشارات المرورية الضوئية وعند مسارات الانعطاف للخلف.

هذا الأسبوع، يحدثني صديقي عن تحرير رجل المرور مخالفة ضده لأنه اتخذ مسارا خطأ في الانعطاف للخلف متجاوزاً الواقفين في المسار الصحيح. كان صديقي ساخطاً لكنه من العقلاء حيث ما لبث أن اعترف بخطئه، وأن سلوكنا في القيادة يحتاج لتصحيح جذري.

منذ فترة، كنت في أحد البلدان مستأجراً سيارة وأسمع صوت موجه «القوقل ماب» الزم مسار رقم 1 ومسار رقم 2 ومسار رقم 3. لم أكن أعرف هذا التوجيه ولا نظامه، ومع طول إقامتي في ذلك البلد فهمت نظام ترقيم المسارات، وأن كل مسار منها له وجهة معينة، فالأول يهيئك للانعطاف لليمين، والثاني للأمام، والثالث للاتجاه الأيسر، أو الدوران، وهذا على الغالب وإلا فإن هناك مسارات أكثر.

نحن أحوج ما نكون إلى تغيير مفاهيمنا في القيادة في الداخل قبل الخارج، ولن يتحقق هذا إلا بفرض غرامات ونقاط تحتسب سلباً على المخالف، ويعاقب بحسب تكرارها تدريجياً، من المحاكمة إلى الحبس إلى سحب الرخصة وفي المقابل، يستحق المنضبط مرورياً الحصول على مكافأة ونشر اسمه في منصات المرور.