مررتُ على الديار والآثار والتاريخ، لأوثق أياماً مضت، أقبّل ذا الجدارَ وذا الجدارَ، ووقفت على أطلال عين أملج الغبايا، حيث كان الماء يتدفق منها عن طريق أنفاق وسراديب عملت من مئات السنين لاستجلاب الماء واستمراريته، وكان من عاشوا في هذه المنطقة وعمروها يحافظون على جريان العين وينظفون المجرى الذي تسير به.

ونتيجة لذلك، ولأن الماء أساس الحياة قامت على هذه العين عدد من المزارع التي كانت من مصادر الغذاء لسكان أملج، ونتيجة لذلك أطلق على كل المنطقة مسمى العين، فشمل اسمها مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية.

وهذه العين الذي يعتقد أنها من عيون زُبيدة التي بُنيت على طريق الحاج عام (186 هجرية)، وبعضهم ونتيجة لعظم بنائها يرجعها إلى عصور تاريخية قبل الإسلام، وامتداداً لتاريخ الحوراء القديم. وكانت هذه العين متنزهاً لأهالي أملج يستمتعون بجريانها وخرير الماء وصوته المتدفق من أنفاقها التي بنيت من الحجر الجيري بطريقة تسر الناظرين وأهل أملج لهم تاريخ وأشعار وذكريات مع هذه العين لا تنسى.

واليوم، وقفتُ على هذا التاريخ ومكان العين، أقلب النظر يميناً وشمالاً لعلي أجد العين أو أسمع خرير الماء، وإذا المنطقة أعجاز نخل هاوية. فبكت عيني على العين، وجرت دمعتي بدلاً من جريان الماء على الأرض من عين أملج، حزناً على المكان والتاريخ الذي للأسف تحوَّل إلى تشوُّه بصري.

فتذكَّرت وتذكَّرت كيف كانت وكيف تحوَّلت إلى أطلال خاوية.

فمن المسؤول؟ هل هو الجهل بالتاريخ أو عوامل التعرية وآثار الزمان، أو التغيير، فبقاء الحال من المحال؟

اليوم ومحافظة أملج مقبلة على نهضة سياحية بمشروع البحرالأحمر أتمنى أن نهتم بمنطقة العين، ونعيد تنظيفها، حتى تعود للجريان مرة أخرى، فهي شاهد تاريخي وسياحي مهم في تاريخ المكان، ومنطقة جذب سياحي منذ القدم، حيث تتميز بجمالها وهوائها العليل صيفاً وشتاءً.

كتبت ما كتبت برسالة حب ووفاء من القلب وبدمع العين، من أجل العين وتاريخها وذكرياتها، وعلى يقين بأن رسالتي ستصل وتتحول الأنظار إلى العين، لتكون منطقة جذب سياحي مرة أخرى، وتجري بها المياه من جديد بعد تنظيفها وترميمها.

فعلى العين جرت دمعتي، فهل وصلت رسالتي بكل تفاصيلها وأهدافها لسياحة الوطن الغالي والحبيب؟