كثيرًا ما تخالجنا مشاعر محبطة تجعلنا نتذمر من الحياة، تحصارنا تلك المشاعر بين الحين والآخر، على سبيل المثال: ماذا تفعل لو أنك مللت من الروتين اليومي؟

أعترف بأنني أفكر في الأمر حين يتردد السؤال في رأسي، أرفض أحيانًا الإجابة عليه؛ لأن كل الاحتمالات واردة.. فأنا لدي روتين معين قد أعجب به أو أتذمر منه، فهذا الروتين قد لا يروق للبعض لأنه ممل وكئيب، وفي أحيان أخرى أفكر بأنني لو كان لدي نشاط مميز لكسرت هذا الروتين وانطلقت نحو الجديد والمثير للدهشة، ثم يتوقف تفكيري عند تلك النقطة لأنني بحاجة إلى شيء إضافي يدخل السرور والبهجة المنقطعة النظير إلى حياتي.. فأنا دوما أبحث عما يرضيني ويدخل الحماس إلى روحي وقلبي، وأريده أن يشعرني بالسعادة الدائمة إلى الأبد.. فدومًا أردد بأن القادم سيكون أجمل من الماضي.

هذا الصباح قرأت في دراسة أن مثل هذا الإحساس بالملل والتذمر وعدم الرضا هو الطريق إلى صحة نفسية غير معتدلة، وأن التفكير السلبي يزيد احتمالات الإصابة بالاكتئاب الذي يدخل الإنسان في دوامة لا يعرف كيف يخرج منها لوحده..

تنصحنا تلك الدراسة بممارسة الرياضة دائمًا، التي تعتبر داء لمعالجة الشعور بالاكتئاب والملل، والتركيز على لياقتنا وصحتنا الجسدية لتحسين مزاجنا اليومي.

فقد أثبت العلم أن ممارسة النشاط البدني يقلص من الاكتئاب والقلق والتوتر، والإصابة بأمراض مزمنة، مثل هذه الدراسة صحيح تمامًا؛ لأن أبسط قواعد المنطق تفيد بأنه من الخطر عدم ممارسة النشاط البدني الذي يضر بالصحة الجسدية والنفسية، فلماذا لا يحاول أصحاب الاكتئاب والقلق والتوتر محاربة ذلك العدو الذي يفسد عليهم متعة العيش في بيئة صحية؟

هذه الدراسة أجريت في جامعة «ييل» الأمريكية، ومقرها مدينة «نيو هيفين» الواقعة في ولاية «كونيتيكت»، لعل أهم ما جاء فيها هو أن من يمارسون الرياضة يتحلون بصحة نفسية أفضل ممن لا يفعلون، فالبعض لا يعطي أهمية كبرى للنشاط البدني، فهم يعتمدون على الكسل في حياتهم، ومعنى ذلك أنهم ينامون طوال النهار ويسهرون الليل بكامله، ولا يكترثون لما قد يصيبهم، فالمواظب على ممارسة الرياضة يشعر في أغلبية الأحيان بالتفاول، ويعتني بصحته ولياقته البدنية، فهو مقبل ومحب للحياة. القلق والتوتر والتشاؤم وجه من وجوه الخوف..

تجربتي مع التوتر هو ما حدث لي بعد تعرضي للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى، كنت راقدًا على سرير المستشفى ورأسي يدور والدنيا تدور من حولي، والإبرة تغزو جلدي، جسدي ضعيف غير قادر على الحركة إلا بمساعدة، يعطونني الحقن والأدوية لكي يخففوا عني آلام الرأس الحادة، ومع نومي بالمستشفى كنت أجد نفسي أحاول أن أسترخي قليلًا لكي يزول الدوار الحاد.

كنت أجلس وأفكر بيني وبين نفسي بأنني أهملت ممارسة الرياضة لفترة وجيزة؛ لهذا شعرت بالقلق والتوتر العالي، لأنني كنت أشعر بالحيوية والنشاط عند ممارستي للرياضة بشكل منتظم..

أعترف بأنني حينها قررت أن أجعل الرياضة منهج حياتي.. لحظة جمود فكري جعلتني أعيد ترتيب حياتي من جديد، لكي أشعر بالنشاط والحيوية، يجب أن أقارن بين اليوم والأمس، وألا أكرر الخطأ نفسه مرة أخرى.

الرياضة لها فوائدها، فبدل الجلوس ومشاهدة شاشة الجوال، يجب على كل فرد ممارسة النشاط البدني، فهو يعتبر غذاء للجسم ويمنحه الطاقة اللازمة لكي لا يشعر بالقلق والتوتر.. الرياضة تزيل عنك كل الهموم التي بداخلك؛ فهي تساعدك في التركيز على الإيجابيات ونبذ السلبيات، وستغرقك في مستنقع من النشاط لا تعرف كيف تخرج منه.