اختتم الملتقى السابع لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة: «قيم ما بعد كورونا.. التضامن وروح ركاب السفينة»، مساء الأربعاء الماضي، أعماله التي انطلقت في هذا العام افتراضيًا، وجاءت كلها باستحضار تام لـ«روح ركاب السفينة»، الذي ورد ضمن حديث نبوي شريف، نصه: «مَثَلُ القائمِ على حُدودِ اللهِ والرَّاتعِ فيها، والمُدْهِنِ فيها، مَثلُ قَومٍ استهَموا على سَفينةٍ، فأصابَ بعضُهم أعلاها، وأصابَ بعضُهم أسفلَها، وأوْعرَها، وإذا الذين أسفلَها إذا استَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا على أصحابِهم، فآذَوْهم، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصيبِنا خَرقًا، فاستقَيْنا منه، ولم نَمُرَّ على أصحابِنا فنُؤذيَهم؟ فإنْ تَرَكوهم وما أرادوا؛ هَلَكوا، وإنْ أخَذوا على أيديهم؛ نَجَوْا جَميعًا».

ليس خافيًا على كل ذي بصيرة من العلماء والمفكرين والأطباء والاقتصاديين والفاعلين السياسيين، التحديات الكبيرة التي تواجه العالم بعد كورونا، وهذا يستدعي ضرورة تطوير قدرات المجتمعات البشرية، وتركيز جميع الدول من أجل التعاون الشامل، ومواجهة تحديات ثورة المعلومات والتقنيات، والتحديات الاقتصادية المختلفة، وجشع المستفيدين من وجود أو انعدام هذا الوباء.

الشيخ الجليل، عبدالله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس المنتدى، لفت الأنظار، لموضوع الساعة قائلا: «أزمة جائحة كورونا ليست أول أزمة عرفتها البشرية، حيث عرفت في تاريخها عددًا من الأزمات؛ لكن الأزمة الحالية تتميز بشمول آثارها وتعدد تجلياتها، لأنها أزمة ضمن أزمات»، مضيفا: «الأزمة وإن كانت في مبدئها أزمة صحية، إلا أنها سُرعان ما استحالت أزمة في القيم، فهي من النوع الذي يختبر أخلاقنا في التعامل فيما بيننا، ويختبر قيمنا بخصوص إعلاء قيم الإحسان والمحبة مع القريب والغريب أم الانغلاق على الذوات والتشبث بالمصالح الضيقة»..

انطلاق المؤتمر وارتكازه على الحديث السالف، أمر موفق للغاية، ويوجب علي التذكير بضرورة العيش داخل الدنيا، وفي قلب العصر، وهذا يحتم عدم الاستسلام لأخيلة الناس، وأوهامهم، وأقيستهم الفاسدة، ويحتم كذلك إنعاش تصوراتنا التي أصابها الترهل، كذا الخلاص من اعتقاد أن كل تبسيط للحياة خيانة أو فسادًا.

أختم بأن من آكد الواجبات الشرعية والأخلاقية إدراك الواقع على ما هو عليه، والخروج من «عقلية الأنا»، وهي دعوة لكل من يعيش بحثًا عن الربح تحت أي ثمن، وعن الفائدة تحت أي قيمة، أن يتأمل رسالة الحديث الشريف: أن من لا يرى إلا نفسه في المجتمع، سيهلك، وإن هلك، ستهلك السفينة، وسيغرق هو، ومجتمعه، وكل المجتمعات من حوله، والعكس بالعكس.