قد يقضي الإنسان عمرا كاملا يبحث عن الأفضل، ويسأل من الأفضل؟ وأي طريق طريق الأفضل؟ وأي أسلوب للعيش أفضل؟ وينظر دائما إلى من حوله وإن كانوا أقل شأنا، على أنهم الأفضل، ويرى التعيس والسعيد على اختلاف أحوالهم أفضل، ويجد أبناء غيره أفضل، وزوجات أو أزواج غيره أفضل.

الحقيقة أنه فقط لديه الأفضل!!! نعم لديه الأفضل الذي يناسبه هو ولا يناسب غيره.

كثيرا ما نتمنى أشياء جميلة تكون في أيدي غيرنا، وعندما تصبح ملكا لنا نجد أننا كنا مخطئين حينما تمنيناها، بل ونتمنى أن تبتعد عنا ونعود لا نملكها، لأنها سببت تعاسة لنا مع أن غيرنا يسعد بها.

الأفضل هو ما تصنعه أنت وما تؤسس له في حياتك، ما تخطط له وتجتهد في الحصول عليه.

الأفضل يتحقق عندما تتخذ السبل كافة، كي تحقق هدفا وتنجح، لا تهم درجات النجاح بقدر ما استطعت أن تحققه وتنجزه.

فكرة السعي في حد ذاتها تشكل مفهوم الأفضل، دائما من يسعى تكون نفسه راضية مطمئنة، بعكس من يلبس نظارة تعظم كل شيء خارج حدود حياته، مع أنه لو تخلص منها، سوف يجد أنه متساوٍ مع أقرانه ممن يراهم الأفضل، وربما يجدهم هم ينظرون إليه على أنه الأفضل.

خلقنا الله وجعلنا درجات، وترك لنا السعي كي نصعدها، نجتهد للوصول إلى أعلاها، لا أن نقف وننظر إلى علوها. الأفضل أن تأخذ بأيدي أبنائك، تزرع بنفوسهم الثقة والدعم، لا أن تقارنهم بغيرهم، تؤمن بقدراتهم وتساعدهم على إثرائها.

وتأكد أنك سوف تحصل على جميل الثمار، من حبهم وتقديرهم ومحاولتهم أن يكونوا على قدر حبك واحتوائك، وبالتالي هم الأفضل. الأفضل أن يتشارك الزوجان في تحسين علاقاتهما، وغض النظر عن العيوب التي لا تخلخل ركائز الحياة الزوجية.

ويتغافلان عن بعض السلوكيات التي تضايق كل طرف منهما، ولا ينظران أبدا لما عليه آخرون ربما لا يملكون نصف سعادتهما، فالتغاضي والتنازل يصنع علاقة تقترب من المثالية، وربما تكون هي العلاقة الأقوى والأفضل.

لا تنظر بعين واحدة إلى تلميذك، وتراه لا يصلح للاعتماد عليه لمجرد أنه لا يتملقك، ولا يستطيع بمجرد الكلمات أن يملكك.

فقط إذا نظرت إلى أفعاله من أجل أن يكون جديرا بتقديرك، قد تراه على خلاف ما توقعت، الأفضل والأجدر.

في أي مجال من مجالات الحياة، وفي أي مكان قد نحاط بالأفضل ممن لا يملكون حناجر مرتفعة، ولا لغة محبي الواجهات البراقة، كاريزما تأخذك إليهم، ولكنهم يملكون قلوباً صافية، لا يعرفون النفاق، جادون في عملهم، يحتاجون فقط أن نلتفت إليهم وإلى أفعالهم وما يقدمون لنا، لنجده دائما الأفضل.

إن كنا نريد تقدماً وحياة صحيحة تمتلئ بالإيجابية، لابد أن نبحث عن أصحاب الأفعال، لا مدعيها، عن أصحاب القلوب الصادقة التي تريد العمل، لا عن أصحاب الحناجر الجهورة قولاً بلا عمل.

نبحث عن الثروات التي بين أيدينا، عن الخامات التي نستطيع تشكيلها، لا التي لا تصلح لنا ولا توافق طبيعتنا.

دائما من يبحث عن الأفضل، لا بد أن ينظر إلى ما ومن يحيطون به أولا، ثم يحاول التقرب إليهم والاستفادة من قدراتهم والصعود معهم وبهم، إلى حيث يتمنى ويأمل، وبالتالي سوف يجد كل منا أنه على الطريق الصحيح، وأنه بالفعل كلما آمن بمن حوله، ومنحهم ومنح نفسه مقدارا وافراً من الثقة قد حصل بالفعل على حياة أفضل.