كلنا نبحث عن الحقيقة لأنها أمان.

لكننا نتفق جميعا: غالباً تكون موجعة.

لذلك نستطيع أن نشهر سيف لا للحقيقة.

حقاً لا لكل الحقائق التي تؤلمنا حين عرفناها ولا نستطيع تغييرها.

لا لكل الحقائق التي قد تعيق طريقنا.

لا لكل الحقائق التي تقتل الرضا حرقاً بعد أن قطعت كل صلاتنا به.

لا لكل الحقائق التي تضعف قوياً لم يجرب الضعف إلا على إثرها.

لا لكل الحقائق التي تهدينا الشك، وتغذي سوء الظن ليتضخم فيصبح غولاً يقتات على تفاؤلنا وحسن ظننا فيبيدهما.

لا لحقيقة تكسر قلباً قد كان مجبراً ولا يعرف الكسر.

لا لحقيقة قد تهشمنا للحد الذي لم يعد باستطاعتنا صقل قوامنا من جديد.

لا لحقيقة تجعل منا شخصًا آخر لم نكن نعرفه عنا.

لا لحقيقة تجعلنا نتخلى عن عدد من مبادئنا لمجرد أننا عرفناها.

لا لحقيقة يمتد أثرها لتغيير وظائفنا الفيسيولوجية فنصبح نتثاقل التنفس ونختنق من الأوكسجين ونفقد التذوق ولا نرى الألوان

لا لحقيقة تجعلنا نبيع السلام والتسامح في السوق السوداء لنشتري الانتقام

لا لحقيقة تستبدل النوم بالأرق، والأحلام بالكوابيس.

لا لحقيقة تخلق بيننا وبين الصبح عداوة رفض، وبيننا وبين الليل علاقة خوف، وبيننا وبين الحياة شعور النقمة.

لكن لا الكبيرة حقًا هي لا لنا، نحن - الباحثين لها المفتشين عنها-.

هي في مراتها البشعة تلك لم تكن كفأ لتظهر، ظلت مختبئة فلم التنقيب؟!.

حقيقة ستصيبنا بالذبول بالصوت العالي سنقول: لا لها

حقيقة ستسرقنا منا لا كبيرة لها.

حقيقة سنتألم لمعرفتها لا ناهية لها.

حقيقة فيها ظلم لنا لا نستطيع رفعه عنا سنقف في وجهها بـ"لا".

حقيقة فيها ضمائر مستترة نكره لا لها

فمن الحماقة أن ينالوا الظهور والتعريف على يدينا فهم لا يستحقونه.

كل الحقائق التي لا تخدمنا سنرفضها.

فلنتعلم أننا خُلقنا وهناك كثير من الحقائق ما زالت غير معلنة وستظل كذلك.

ولنتيقن أن دورنا كبشر في الحياة ليس البحث عن الحقائق وإنما العيش بالمعطيات.

فالحياة عبارة عن كروت كثير منها الأخضر ومنها المحايد ومنها الأحمر والقليل الأسود.

علينا أن نرتبها قبل استخدامها، استمتعوا باستخدام الخضراء فهي دوماً مشحونة الرصيد

قيموا المحايد فمنها القابل للأخضر ومنها الأحمر المتخفي، ومنها المحايد فعلا تخلصوا منه بالترك فقط فهو مجرد عبء، تخلصوا من الحمراء فوراً بالرمي

وأحرقوا السوداء مع تلك الحمر التي كانت متخفية تحت رداء المحايدة فلا مجال للخداع ولا راحة معه.

أستمتعوا بكل الظواهر حولكم، ولا تفتشوا في حقيقتها ما دامت لا تضر، وحذاري من الحفر من تحتها أو تتبعها خصوصاً حين لا نملك كثيرا من الخيارات.

تساموا عن كل ذلك.