الحديث عن التقنية المستجدة علينا حالياً كمجتمع، في غاية الأهمية، بحكم أننا نواجه الكثير من التحديات المرتبطة بكيفية تعاملنا معها ونظرتنا إليها.

فمثلاً من بين هذه التحديات التي يواجهها المجتمع، عند التعامل مع بعض وسائل التقنية، وأخص بالذكر تطبيق «الواتساب»، الشائعات التي غالباً ما تكون مسرح هذا التطبيق تحديداً، والذي يجعلني والكثير معي، نعتبر هذا التطبيق من أكبر الوسائل الفعّالة في نقل الشائعات وتداولها، والتي للأسف يصدقها الكثير، ويعتبر ما يرد فيها من ترّهات حقائق دامغة لا تقبل التشكيك ولا تحتاج للتثبت، ممّا يؤثر تأثيراً سلبياً كبيراً في اتخاذ القرارات عند الكثير من مستخدمي «الواتساب» الذين يرون فيه مصدرا موثوقا لتلقي المعلومة.

وهذا الأمر في حد ذاته يجعل أهمية تسليط الضوء والحديث علناً عن هذه السلبية الخطيرة، وعن تداعيات تصديقها والاقتناع بها أهمية كبرى، بسبب التبعات المقلقة جداً، التي حدثت وتحدث بسبب عدم التصدي الصارم لهذا الاستخدام الأعوج والأهوج.

لعل أكبر دليل على ذلك هو ما نشهده حالياً من كثرة الشائعات المتعلقة بلقاح «كورونا» و مصدر معظمها هو هذا التطبيق، وكيف أن الكثير من هذه الشائعات التي يجهل غالبية المتبنين لها، هوية ودرجة علم ناشريها أو ناقليها، وصلت إلى حد القول بأن من شأن تناول هذا اللقاح، تهديد استقرار حياة متناوليه، أو حتى استمرارها، ونحن قد نعذر في هذا الصدد قليلي العلم والمعرفة، من المتأثرين بهذه الشائعات والمقتنعين بها، ولكن المؤسف أن هذا الخلل الخطير طال حتى الكثير، ممن نعتبرهم متعلمين وأصحاب تأثير إيجابي.

وهذا التناول يجبرني على طرح تساؤل أخاطب فيه عقل، كل من يصدق ترّهات «الواتساب» حول أخطار لقاح كورونا، وهو كيف يمكن لدولة كالسعودية، أن تقوم بعد كم الجهود التي بذلتها طوال هذه الجائحة، بالتفريط فيها فجأة هكذا بكل بساطة، معرضةً حياة مواطنيها والمقيمين فيها للخطر؟.

الجميع يعلم أن القيادة السعودية تكبدت الكثير من الخسائر الاقتصادية الهائلة، في سبيل حماية مواطنيها من هذا الفيروس، وتحجيم خطر تناقله، وانتشار عدواه بينهم، بوسائل فعّالة ومتعددة باهظة الثمن، جعلت الكثير من المنظمات العالمية المشهود لها بالمصداقية والمهنية، تشهد بأن السعودية تعتبر من أكثر الدول حرصاً على صحّة وسلامة شعبها، بل وحتى سلامة المقيمين فيها، وصدرت هذه الشهادة منهم نتيجة متابعتهم الدقيقة، للإجراءات التي اتخذتها القيادة السعودية وفرضتها على جميع مواطنيها والمقيمين فيها، وكيف أنها أصدرت عقوبات تطال كل من يخالف تعليماتها، للحد من تفاقم خطر هذا الفيروس واحتوائه.

وكل ما سبق ذكره يؤكد أنه من المستحيل، أن تسمح القيادة السعودية لهذا الكم الضخم من الجهد والتضحية، أن يذهب أدراج الرياح، خاصةً وأن الفرج من هذه الجائحة أصبح قاب قوسين أو أدنى.

كما يجب أن يعلم كل من يطلق هكذا شائعات حول هذا اللقاح، أن هنالك شروطا علمية وعالمية يجب أن تتوافر في أي لقاح، قبل أن يُسمح باستخدامه، ويتم ذلك من خلال إجراء الكثير من البحوث والتجارب حتى التأكد من جدواه، يلي ذلك قيام حكومات الدول المُصنعة لهذا اللقاح بتطعيم أفراد شعبها، بعد ظهور نتائج إيجابية مؤكدة تسمح بتداوله، وهذا تماماً ما حصل مع لقاح كورونا، فهل يعقل أن تقوم الحكومات الغربية بتعريض حياة شعوبها للخطر، دون أن تكون متأكدة من نفع هذا اللقاح وفائدته؟

وفي حال السعودية تحديداً، الكل يعلم أن وزارة الصحّة والهيئة العامة للغذاء والدواء،لا تكتفيان بالتجارب الخارجية، بل تقومان أيضاً باختباره، والتأكد من مدى نجاعة اللقاح كي يمكنهما السماح باستخدامه.

أخيراً وكمراقب، فإني أعزو انتشار هذه الشائعات إلى عدة عوامل، أهمها الجهل وعدم التثبت، والانجراف وراء من هب ودب، دون أن يحاول المتلقي التأكد من مدى كفاءة ومكانة وأهلية مطلق هذه الشائعات، والتي هدفها الوحيد في الغالب إثارة البلبلة والمخاوف بين أفراد المجتمع، وهذا ما يجعلني أكرر مطالبتي بضرورة توقيع عقوبات صارمة، على كل من يثبت إطلاقه لهذه الشائعات، وحتى أيضاً من ينشرها ويتداولها، فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن كما يقال، خاصةً إذا علمنا أن بعض هذه الشائعات يهدد صحة وسلامة المجتمع وأفراده.