تعد الجبال أحد أهم مكونات الطبيعة، وفي أعاليها يسكن قرابة الـ%15 من سكان العالم.

تلك الجبال الشاهقة تعد ركناً أساسياً في عملية تنوع المصادر الحيوية، بل وتعد مصدراً هاماً لعدد من الموارد الطبيعية مثل المياه، حيث توفر الجبال قرابة الـ%50 من الاحتياج السكاني للمياه.

لطالما كان البشر شغوفين باستكشاف الجبال، سواء بدراستها وإجراء الأبحاث عنها، أو حتى بممارسة الرياضات عليها كرياضة تسلق الجبال «الهايكنج»، وليستمر هذا الارتباط بين البشر والجبال، فإن العلاقة المنفعية يجب أن تكون ذات اتجاهين، فكما يستفيد البشر من الجبال كمصدر للموارد أو للتنزه، فإنه من الواجب أيضاً الاهتمام بهذه الموارد وتنميتها والحفاظ عليها.

الوصول لقمم الجبال للمراقبة والمتابعة البيئية يعد أمرا مضنيا، بل ومكلف في كثير من الأحيان. حتى وإن كانت التقنية ستسهل من هذه العملية، إلا أن تباعد الجبال وارتفاعها - مما يعني البعد عن شبكة الاتصال - هو العائق الأكبر أمام استخدام التقنيات التقليدية. من المعوقات أيضاً قسوة المناخ في أعالي الجبال، كاختلاف الضغط الجوي وتغاير درجات الحرارة. كل ذلك أدى إلى أن أجهزة الكمبيوتر الاعتيادية قد لا تعمل هناك بالشكل الصحيح، ولذا فمن اللازم توفير تقنيات متوائمة مع تلك الطبيعة.

نشر البروفسور تودور جينتشيف «Todor Ganchev» من جامعة التقنية في فيرنا «Technical University of Varna» فصلا كاملا في إحدي المجلات العلمية عن الأجهزة والكمبيوترات، التي يمكن استخدامها في الظروف غير التقليدية كأعالي الجبال، أو تلك التقنيات التي يمكن استخدامها للتعامل مع التنوع البيئي في البيئات الصعبة. درس الباحث القدرات الحاسوبية لكل ما يحيط بالإنسان، أو ما يعرف بـ«الحوسبة السائدة» وهو مجال يعنى بالعمليات الحاسوبية للأجهزة، التي تكون متباعدة عن بعضها، لكنها تؤدي عمليات حاسوبية متكاملة.

يمكن استخدام الحوسبة السائدة في أعالي الجبال على سبيل المثال، لمراقبة التنوع البيئي وإدارة الحياة الفطرية والتحكم في انتشار الأوبئة، وتسجيل العلامات الحيوية البيئية، وكل ذلك يهدف إلى الحفاظ على طبيعية البيئة على تلك الجبال، لكي تستمر في توفير الموارد الطبيعية للبشرية.

عملية زرع أجهزة متوائمة مع الطبيعة الجغرافية والمناخية في قمم الجبال، كأجهزة رصد التغيرات المناخية أو العوامل الجوية أو الاستشعار، والتي يمكنها العمل دون تدخل من البشر، أنشأت جبالاً يمكنها التخاطب والتواصل مع الإنسان. فتحوّل الجبل من تلك الكتلة الحجرية الجامدة إلى منصة ذكية تتواصل مع البشر، لتقدم لهم معلومات عن حالتها وعن احتياجاتها البيئية.