شجعني لقاء كريم لأعضاء الجمعية الرائدة، الجمعية السعودية لكتاب الرأي، مع الرئيس التنفيذي لبرنامج ضيوف الرحمن؛ على الكتابة في موضوع فقهي، يبين أن الشروع في القيام بأداء العمرة أو الحج مبني على «التيسير»، وعلى الجمال في آن واحد.

بداية أذكر أن برنامج ضيوف الرحمن، هو أحد البرامج التنفيذية الـ13 التي وضعها «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية»، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الـ(96) لرؤية المملكة 2030، ومهمته الأساسية إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين من أداء فريضة الحج والعمرة والزيارة على أكمل وجه، والعمل على إثراء وتعميق تجربتهم من خلال تهيئة الحرمين الشريفين، وتحقيق رسالة الإسلام العالمية، وتهيئة المواقع السياحية والثقافية، وإتاحة أفضل الخدمات قبل وأثناء وبعد زيارتهم مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وعكس الصورة المشرقة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين.

ويمثل كذلك لبنة لتأكيد علاقة القطاع الخاص ودوره الفاعل في تحسين اقتصاديات القطاع؛ وأسندت ثلاثة من الأهداف الإستراتيجية للرؤية المباركة إلى البرنامج، وهي «تيسير» استضافة المزيد من المعتمرين مع تسهيل الوصول للحرمين الشريفين، وتقديم خدمات ذات جودة عالية للحجاج والمعتمرين، وإثراء التجربة الدينية والثقافية للحجاج والمعتمرين..

الموضوع الذي أردت الحديث عنه هو «الإحرام من مطار جدة» عوضًا عن الإحرام قبل الصعود للطائرة، أو في داخل مقصورتها، وهذه الأخيرة فيها معاناة من حيث خلع الملابس المعتادة، ثم لبس الإحرام، في دورة المياه، وما يصاحب ذلك من معاناة وتعطيل، ومشاق ومتاعب..

الخلاف في اعتبار مدينة جدة ميقاتًا مكانيًا قديم؛ ففريق ذهب إلى أن جدة ميقات مكاني، وأنه يجوز للقادم من جميع الجهات أن يحرم منها، بغض النظر عن منفذ القدوم، وفريق ذهب إلى أنها ميقات القادمين إليها بالجو أو البحر، وفريق ذهب إلى أنها ميقات للقادم من غربها مباشرة فقط، وهم أهل جنوب مصر وشمال السودان، وفريق ذهب إلى أنها ليست ميقاتًا على الإطلاق.

القول المشهور هو عدم جواز الإحرام من جدة، وأنه لا يجوز لمريد النسك مجاوزة ميقاته لميقات آخر؛ إلا أن هذا لا يعني إهمال القول إن جدة ميقات مكاني؛ لأنها تقع بين ميقاتي «الجحفة ويلملم»، ومحاذية لهما، وكلها على خط واحد، ومسافة جدة عن مكة مقاربة لمسافة يلملم عن مكة أيضا؛ وبناء عليه فإنه يجوز لمن يمر بجدة أن يحرم منها، ويجوز لمن يأتيها بالطائرة وهو يريد النسك وليس له عمل بها تأخير الإحرام، وإن كان الأفضل من ميقاته، ودليل الجواز ما ورد في الصحيح أن أبا قتادة، رضي الله عنه، حين خرج مع النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يُحرم من ميقاته بذي الحليفة، وإنما بقي حلالاً حتى لحق بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وهو قريب من الجحفة، وفي هذا التيسير تخفيف عن مشقة الإحرام من الطائرة، لمن لا يستطيع التحمل؛ وإشاعة هذا وغيره من أخبار «التيسير»، أتمنى أن يحظى باهتمام القائمين على برنامج ضيوف الرحمن، وفقهم ربي وسددهم.