في مشهد من فيلم «Up in the Air» للأمريكي جورج كلوني، كان عمله يقتضي إبلاغ الموظفين المفصولين من أعمالهم بذلك نيابة عن شركاتهم أو القطاعات التي يعملون بها، وكان هذا العمل المؤذي لمشاعر الناس، يتطلب طريقة جادة في الاسترخاء، خصوصا وأن بعض من سيبلغهم يقدمون على أفعال مؤذية لأنفسهم بما في ذلك الانتحار.

من خلال ذلك تعلم كلوني كيف يلقي خطابات تحفيزية للعيش دون ضغوطات، وكان من بعض خطاباته الشهيرة خطاب «شنطة الظهر»، الذي يقول فيه:

«تخيل أن عليك أن تحمل جميع أغراضك وممتلكاتك في حقيبة ظهرك من أصغرها إلى الأكبر، بدءا من فرشاة الأسنان والتحف الصغيرة ثم الملابس ثم أدوات المطبخ ثم أدوات التنظيف وصولا إلى سرير النوم والأدراج بل وأبواب السكن وإنارته، وأخيرا المسكن (برأسه)».

يكمل قائلا: «كم ستتحمل حمل تلك الحقيبة، وكم تحتاج من قوة لحملها، وهل تخيلت يوما أنك وبعد حملك لها أنك قادر على إفراغها، بل وحرقها والبدء يوما ما بدونها، فكيف سيكون يومك لو فعلت ذلك؟».

أتى في الخطاب الذي يليه قائلا: «بالأمس قلت لكم هل تخيلتم كيف ستكون حياتكم لو تخلصتم من أثقال أحمال عفشكم وممتلكاتكم ولو حتى بالحرق، فلنبدأ اليوم بحمل زملائكم بالعمل وجيرانكم بل وأصدقائكم وما المانع لو كان من ضمنهم بعض أقاربكم في شنطة الظهر الخاصة بكم، وبقيتم تحملونها، وفي حال أنهكتكم هذه الحمولة الثقيلة فهل من الممكن إفراغها هذه المرة، ولن أقول إحراقها».

يقصد كلوني، أننا كثيرا ما نحمل أنفسنا أشياء وأفكارا بل وأناسا ومشاكلهم، ونعتقد أن تحملنا لذلك الحمل الثقيل هو جزء من حياتنا، ونعتقد أنه لو تم إفراغهم من الحمولة الملقاة على عاتقنا أننا سنموت، بل بالعكس قد نكتشف أننا أصبحنا نخطو خطوات أسرع نحو ما يخصنا ويفيدنا وقد يجعل البعض يخفف من وزنه في المرات القادمة لنستطيع حمله بسهولة.

أتذكر أن أحدهم قال لرجل بعد أن رآه يحمّل بعيره حمولة تكاد تكسر ظهر البعير، وكان نصفها دقيقا على جانب البعير الأيمن، والنصف الآخر أحجارا على الجانب الأيسر لتوازن الحمولة دون أن تسقط، فقال له لمَ لا تنزل الأحجار وتقسم الدقيق نصفين وتضع على كل جانب نصفا وستتخلص من نصف الوزن الذي لا تحتاجه؟

ما أريد قوله، إننا بحاجة متكررة كل فترة لمراجعة الأثقال والهموم التي نحملها على عاتقنا، وهل بالضرورة القصوى أن تبقى بنفس وزنها، أم أننا قادرون على أن ننزل جزءا منها حتى ولو كان وزنا لا يذكر من حمولتها، المهم أننا قد شغلنا أنفسنا بتخفيف الحمل عنها بدلا من إضافة المزيد، وعليه فإن كنت تشعر هذه الأيام بثقل المشاكل الملقاة على عاتقك، فعليك أن تبدأ بالتفكير بخطبة كلوني، وأن تبدأ من آخرها بأن تتخيل كيف ستكون حياتك «لو أنزلتهم من حقيبة ظهرك».