في ظل التحوّلات الإقليمية والعالمية المهمة، وفي ظل استشراف قادة دول الخليج العربي لمعالم مستقبل العالم والمنطقة، تأتي قمة العُلا لتضع لبنة جديدة من لبنات التعاون الخليجي، ولتفتح الباب واسعًا أمام تنسيق خليجي بروح مملوءة بالأمل، ففي ظل مجلس التعاون كانت حكومات المنطقة دومًا قادرة على تحقيق أهداف شعوبها، واليوم فإن رؤية المجلس الناضجة والمخطط لها بامتياز، ستكون خير خارطة طريق لتأمين مستقبل هذه المنطقة على أسس مدروسة.

ولأن العمل مقامُ أهل العزم، رأينا كيف أن منظومة مجلس التعاون الخليجي سعت قبيل انعقاد القمة المقرر التئام جلساتها غدًا إلى رأب الصدع في البيت الخليجي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح لكي تحقق القمة أهدافها كاملة، إيمانًا منهما بضرورة إعادة البيت الخليجي إلى سابق عهده لمواجهة التحديات التي تفرضها أحداث المرحلة على المستوى الإقليمي والعالمي.

العُلا والتي يرى كثيرٌ من المراقبين أنها ستكون اسمًا على مسمى تستحضر كثيرًا من دروس الآباء والأجداد، وتستلهم روح الوحدة التي أرساها مؤسسو هذا المجلس وعلى رأسهم الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، ويدرك قادتها اليوم مدى أهمية تجنيب المجلس كافة التجاذبات السياسية ليقوم بدوره على أكمل وجه، ومثل هذا التحوّل يعكس مدى قدرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على مواصلة دور المملكة في كونها حجر أساس في الاستقرار السياسي لدول مجلس التعاون الخليجي.

قمة العُلا من المؤمّل أن تكون بداية انطلاقة جديدة وقوية لدول المجلس التعاون الخليجي على صعيد الاقتصاد، فدول المنطقة بحاجة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى لإطلاق صافرة التكامل الاقتصادي الشامل فيما بينها، لتعزيز قائمة المشاريع الحيوية المشتركة الممكنة فيما بينها سعيًا إلى التأسيس لواقع اقتصادي شامل أكثر قدرة على ضمان استمرار الرفاه الاقتصادي لشعوب المجلس.

سنواصل كشعوب خليجية حبنا العميق لمجلسنا، ولقادته، ولبعضنا البعض، ولن نتخلى عن الأهداف العليا التي أرساها الآباء المؤسسون، وفي قمة العلا ندرك أن قيادة خادم الحرمين الشريفين لهذا التجمع الخليجي المهم جداً للعالم ولاستقراره سيكون لها بالغ الأثر على خروج القمة بقرارات تاريخية ستكون بمثابة إعادة دوران لعجلة التعاون الخليجي الشامل والكامل، وستكون بمثابة انطلاقة جديدة لمسيرة العمل الخليجي المشترك الذي دون شك يعود دومًا بالنفع على مواطني المجلس، فبوركت جهود مملكتنا وقيادتنا، وعاشت المملكة حضنًا يجمع الخليج دومًا.