قال حكيم (غضبان) لابنه: يا بني.. إن أردت أن تمضي حياتك بسلام وتسير على ما يرام، فكن أسدًا بين الناس.

فقال الابن: ولكني لست بأسد!

قال الحكيم: أعلم يا (ثور)، ولكن تخيل أنك أسد.

فقال الابن: وكيف يكون ذلك؟

قال الحكيم: اغمض عينيك وتنفس بعمق واستشعر أنك أسد، وبالتالي ستصبح أسدًا، فينصلح حالك ويستقيم شأنك، وتكون لك المكانة والكبرياء.

أقول/ قد يكون ذلك الحكيم صادقًا، فلِم لا تجرب يا أخي الإنسان؟ فما لا يدرك بالواقع يدرك بالخيال.

فلتتخيل أنك أسد، كلما صفعت على وجهك أو طعنت في ظهرك أو مُسحت الأرض بكرامتك.

تخيل أنك أسد، كلما شعرت بالعجز وانتابك الضعف وأصبت بالهم.

وكلما أخلفوا عهودهم وتأخروا عن مواعيدهم، وحين يساء فهمك ويعاب فعلك ويُحكم على شكلك دون جوهرك.

تخيل أنك أسد، حين يصرّفك الموظف بقوله: راجعنا بكرة، والموظفة بقولها: (السيستم عطلان)، وأهل البنت بقولهم: (مالك نصيب)؟

تخيل أنك أسد، إذا سلمت على أحدٍ فلم يرد، وإذا قلت نكتة فلم يضحك عليها أحد، أو بدأت بذكر قصة فقطعوها عليك حتى تختصرها أو تكلم بها نفسك، وعندما يسفّه رأيك ويهمش فكرك.

تخيل أنك أسد، إذا خسر فريقك فارتفع عندك الضغط والسكر والكوليسترول.

تخيل أنك أسد، إذا واجهت مزاجية المرأة وتعصب المجتمع وتنمر الأقارب وجشع التجار وعنصرية البشر.

تخيل أنك أسد، إذا اصطدمت بعمودٍ في الشارع أو سقط منك الجوال أو لم تجد موقفًا لسيارتك.

تخيل أنك أسد، حين ترهقك الديون وتهلكك المصاريف وتلتقطك كاميرات ساهر.

تخيل أنك أسد، عندما تقل ثقتك بنفسك وينزل مستوى وعيك وتفقد هويتك وانتماءك حتى لا تدري من أنت.

تخيل أنك أسد، عندما تكون وسط الزحام وعندما يواجهك الغبار أو ترش سيارة مسرعة على ثوبك من بقايا الأمطار

تخيل أنك أسد، وإن كنت كسولًا فالأسد ليس كثير الحركة.

وأنت أيتها المرأة، تخيلي أيضًا أنك أسد إذا كنت في وسطٍ لا يؤمن بالوسطية.. إما أقصى اليمين أو أقصى الشمال.

تخيلي أنك أسد، حين تُترك شهادتك وثقافتك وروحك ولا يُنظر إلا إلى جسدك.

تخيلي أنك أسد، حين يتحدثون باسمك ويتحكمون بقراراتك.

وأنت يا صغيري، تخيل أنك (شبل)، إذا كانت طفولتك تعيسة، أو عانيت من الهجران والحرمان، أو منعوا عنك أمورًا هم يفعلونها.

يقول الحكيم (بعد أن هدأ قليلًا): عندما تواجه تلك المواقف وتتخيل أنك أسد سترتاح نفسك ويطمئن بالك، فالأسد أقوى من الجميع، لا يضره أمر ولا يعيبه شيء، وهو حكيمٌ يترفع عن الصغائر.. بالتالي ستبتسم رغم الظروف لأنك المنتصر حتمًا.. فالحياة إما أن تواجهها بابتسامة أو جلطة.

ولكن إياك في عز هذا الشعور الجميل أن تنظر إلى المرآة لأنك قد ترى فيها جميع أنواع سكان الغابة ما عدا الأسد!