رغم التحديات الاقتصادية في مدينة برشلونة الإسبانية قرر المسؤولون رسم «خطة تحول» لمدينة برشلونة لتكون مدينةً صديقةً للبيئة. فقد تم ترميم الكثير من المباني وتحويلها إلى مبان خضراء، إضافةً إلى اِستغلال الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة النظيفة والمتجددة. كذلك تزويد مرافق المدينة بقرابة 6000 دراجة كنوع من أنواع بدائل المواصلات، والتي تهدف لتقليل الضغط على النقل العام وتقليل تواجد السيارات في المواقع الحيوية. وفي مدينة (كوبنهاجن – الدنمارك) تم إطلاق مسمى المدينة الخضراء على هذه المدينة، وإنشاء مركز ومختبر متخصص لتصدير التجارب المستدامة والتقنيات البيئية الحديثة لدول العالم. كما وضعت حكومة (فيينا – النمسا) هدفا مرتبطا بخطة زمنية، فبحلول 2025 تطمح مدينة فيينا بأن تكون خالية من الكربون الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري، وذلك باستخدام طرق متجددة: أهمها تحويل النفايات إلى مصدر طاقة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة الأُخرى. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الوقت الذي يتوقع الكثيرون أنَّ مدينة نيويورك من أكبر المدن تلوثاً بيئياً، يجري العمل لبناء مشروع هدسون يارد «Hudson Yards» القريبة من منهاتن، ليكون مشروعاً ملهماً ومحفزاً لتطبيق مبادئ المدينة الرقمية، ولعل من أبرز ملامح هذا المشروع عمل منصات ذكية لمتابعة مستويات التلوث البيئي والحد منه.

بالنظر من زاوية أخرى إلى أهم التطورات في الشرق الأوسط، وخلال السنوات الماضية حققت المملكة العربية السعودية نمواً اقتصاديا وسكانيا غير مسبوق، ولكن أغلب المشاريع التنموية اِعتمدت على الطرق غير المستدامة في بناء وإدارة المدينة. وما زال دور الأمانات والبلديات يرتكز حول الطرق الروتينية في متابعة أعمال السفلتة وشق الأنفاق وغيرها من الأعمال الرقابية والإنشائية التقليدية.

ولكن! ما يبعث التفاؤل في المنطقة هو إطلاق رؤية المملكة 2030، والتي تطمح لتنفيذ مشاريع نوعية وعالمية غير مسبوقة.

محلياً ومن خلال ملاحظتي لمستوى الخدمات البلدية في منطقتي نجران، بدأت أرى دور الأمانة يبرز بشكل إيجابي في المشاريع الصديقة للبيئة. فعلى سبيل المثال الاهتمام بمبدأ «أنسنة المدن» والذي يتجلى جزئياً في تنفيذ أحد الطرق النموذجية (طريق الملك سلمان – الجيش سابقاً)، والذي صُمِم ونُفِّذ بطريقة جيدة تسمح للمشاة بممارسة رياضة المشي، وركوب الدرجات، كما أن الطريق مزود بمقاعد وأشجار تضفي إحساسا مريحا على الزوار والمشاة. ولا يفوتني ذكر الأعمال المتواصلة في مكان أعتبره ويعتبره الكثير من سكان المنطقة من أجمل نقاط الجذب السياحي في المنطقة، وهو متنزه الملك فهد «غابة سقام»، وأشعر دائماً عند زيارتي له وكأني بحديقة الملكة إليزابيث «الهايدبارك». كما أسعدني تلقي خبر تفعيل المشاركات المجتمعية، وذلك بإطلاق برنامج سواعد وطن الذي بدوره يمنح الفرصة للأيادي الوطنية بعمل نماذج من المنحوتات التي تعكس العمق التاريخي والثقافي للمدينة، والتي تنوي أمانة المنطقة توزيعها على الشوارع والتجمعات الحيوية بمنطقة نجران.

وفي الختام ! ما زالت تطلعاتنا أكبر من ذلك بكثير، لأننا نملك جميع مقومات الرقي بالإنسان والمكان، ونحظى بدعم متواصل من قيادتنا الرشيدة.