منتشر بين المهتمين بموضوع الأراضي الوقفية وموضوع رسوم الأراضي البيضاء، كلامٌ كثير حول فرض وزارة الإسكان رسوما على هذا النوع من الأراضي، والحجة أن نظام الرسوم لم يستثن الأوقاف، والأصح أن نقول إن اللائحة التنفيذية للنظام ذكرتها وغيرها في المادة التاسعة منها، وقد نصت على أنه: «لا يطبق الرسم على الأرض الخاضعة للتطبيق في أيّ من الحالات الآتية ـ وذكر منها ـ وجود مانع يحول دون تصرف مالك الأرض فيها، بشرط ألا يكون المكلف متسبباً أو مشاركاً في قيام المانع»؛ وأراضي الأوقاف حتما، تدخل في هذه المادة.

رسوم الأراضي الوقفية أقل منزلة في الشرع من فريضة الزكاة، وعائدات الأوقاف لا زكاة عليها، كما صرحت الفتاوى الرسمية، ومنها فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء، رقم (4460)، قبل (40) سنة، والتي جاءت ردا على استفتاء مدير عام مؤسسة الزكاة والدخل عن «مدى خضوع أموال مؤسسة الملك فيصل الخيرية وفروعها، وكذلك المؤسسات الخيرية المشابهة لهذه المؤسسة للزكاة الشرعية المناط بالمصلحة استيفاؤها»، وصدرت الفتوى بأنه: «بناء على ما ذكر من أن أموال المؤسسة المذكورة ليست ملكًا لأحد، بل هي أموال خيرية معدة للإنفاق في أوجه البر العامة من الدعوة إلى الإسلام وإنشاء المساجد وإنفاق على الفقراء؛ فإن اللجنة الدائمة تفتي بأنه لا زكاة فيها، ولا فيما شابهها من الأموال التي لا تملك لأحد، ومعدة للإنفاق في وجوه البر العامة، لكونها والحال ما ذكر في حكم الوقف»..

فرض الرسوم على الأراضي الوقفية، لا يمكن أن يتم إلا ببيع جزء منها؛ والشرع لا يمكن أن يسمح بذلك، أو من خلال قيام أصحاب الأوقاف بدفعها، بدلا من واجب تطوير أراضيهم الوقفية، أو أن يغرم الوقف ويصبح مديونا، والحل هو في إعفاء وزارة الإسكان والوزارات المعنية للأوقاف الخيرية، بشكل خاص والقطاع غير الربحي بشكل عام، من أي رسوم حكومية مفروضة، فضلا عن رسوم الأراضي البيضاء فقط، ومساواتها بالأراضي المملوكة للدولة، والإصرار على مساواة الأراضي الوقفية بالاستثمارات الأخرى سيجعلنا نخسر الكثير، ويعني ذلك أيضا انتكاسة العمل الوقفي وغير الربحي بشكل عام، وسيقل أو يتوقف عدد الراغبين في إحياء سنة الوقف، وسيعجل بانتهاء الوقف تماما، واختفائه..

أختم بأن الكل يتفهم أن نظام رسوم الأراضي البيضاء، من أهم مقاصده كسر احتكار أصحاب الملكيات الخاصة للأراضي البيضاء الشاسعة، لما في ذلك من إضرار بالصالح العام، وهذا غير متصور في الأراضي البيضاء الوقفية؛ فهي ليست ملكيات خاصة، وليست محجوزة دون الصالح العام، أو محتكرة، بل هي ملكيات عامة لمن أوقفت عليه، والشرع هو من يحميها.