بوجهه البريء، وجسمه المـستدير، وتصـرفاته الـطفولية بات دب الباندا من أكثر الحيوانات الصديقة للإنسان وأكثرها لُـطفًا وجاذبية، فمن منّا لم يحزن عندما تردد أن هـذا الحـيوان اللطيف في طريقه للانقراض؟

وسبب انجذابنا لهذا الحيوان حسب قول الكثير، يبدو أنه يستدعي غريزة الرعاية لدينا، بوجهه المسطح وعيناه الكبيرتان، وطبيعته الخرقاء، تجعله يبدو وكأنه طفل تقريبًا، مثل خدوده السمينة وخطواته المتساقطة.

بالتأكيد لا يخفى عــلى أحد مكابدة الصين التي بـذلت سعيها في إنـقاذ هـذه الحـيوانـات الــثديية (ثُنائية اللون)، منـذ أربـعينيات القـرن الـعشرين التي كُـللت بالنـجاح مـن خـلال إعــادة زرع الـخـيزران في الـغابات، وإعــارة البـاندا لـلدول الأخــرى مقابـل الـمـال للاستثـمار في حماية الـحياة البرية.

لكن هل تساءلت يومًا لماذا تُكرس الصين كل تلك الجهود والموارد وملايين الدولارات لحماية الباندا خصوصا من بين جميع تلك الحيوانات الأخرى المهددة بالانقراض؟ ليس لكـــونه حيوانا محـبوبا أو خفيف الظل، بـل صار بمثابة شعار وهوية وطنية للصين، وهو أحد سفراء الصين إلى الغرب وأقوى الأسلحة التي تُستخدم في بناء القوى الناعمة.

كــما تم استـخــدام البـاندا في العـلاقــات الدبـــلومــاسية حــيـث أطلق عليهـا البـعض (دبلومــاسية الباندا) بـهدف تحــسين وتقوية الروابط بين الــدول.

فلذلك لم يعد الباندا مجرد حيوان محمي بل باتَ (سفيرًا للصداقة)، حيث يــرمز للسلام و الصداقة، ولا يوجد أفضل من تقديـمه كـهدية لرؤساء وزُعماء العالم، وبدأ هذا عندما أرســل الإمبــراطور الصــيني اثنين من دببة الباندا لإمبراطور اليابان كهدية دبلوماسية، لكن لم تستمر الصين في إهداء الباندا للدول الأخرى، فغيرت سياستها في إعــطــاء حيوان الباندا من الإهداء إلى الإعارة، لكن لأهداف غير ربحية بل لاستخدامها ضد الدول عند الحاجة لذلك.

بعد التفكير في هذا يجعلنا نتعجب كيف تحول هذا الدب خفيف الظل إلى أداة سياسية خارجية قوية.