اعتمدت الحضارة الحديثة على مصادر الطاقة غير المستدامة، في محاولة للحفاظ على نسب تلوث ضئيلة للأرض.

ويقوم الساسة ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام بدور متواصل لرفع الوعي حول إشكالية التلوث ونتائجها.

وليس سراً أن انخفاض أسعار النفط واحتمال تراجع الطلب على الوقود الأحفوري يدفعان إلى إعادة التفكير بشكل جدي، من جانب شركات الطاقة إلى الدخول بقوة إلى عالم الاستثمار في مجال الطاقة المستدامة.

في أوروبا على سبيل المثال، تحاول الحكومات الوطنية استبدال السيارات التي تستخدم محركات الاحتراق بالمركبات الكهربائية، وبالتالي خفض كبير من الانبعاثات الضارة على البيئة. ويرى كثيرون أن مثل هذه الجهود مبررة، بسبب المخاوف الجدية المتزايدة حول تغيّر المناخ وتلوث الهواء في المدن، والمخاطر الصحية المتعاظمة نتيجةً لاستخدام النفط.

وعندما أحرزت الطاقة النظيفة تقدماً من حيث الاستخدامات والتقنيات على مستوى العالم، أثيرت أسئلة حول مدى ثباتها وقوتها. ولم تبلغ تقنياتها في القرن الماضي الآمال والطموحات، التي بناها الكثيرون حولها بسبب عدم النضج التكنولوجي، ونقص التمويل في تلك الحقبة. ومع ذلك، استمرت منشآت الطاقة المستدامة في النمو، وإن كان ذلك ببطء، إلى أن حققت قفزة مفاجئة قبل بضع سنوات.

اليوم، يتم إنتاج خمس كهرباء العالم بواسطة الطاقة المتجددة أو المستدامة. وفي عام 2016، كان هناك 160 جيجاوات يتم الحصول عليها من منشآت الطاقة النظيفة على مستوى العالم، بزيادة قدرها 10 ٪ أكثر عن عام 2015، وبتكلفة أقل. وتقدم لنا الطاقة الشمسية اليوم من خلال تطور تقنية الألواح الشمسية، وبطاريات التخزين، نصف الطاقة الجديدة المستدامة، تليها طاقة الرياح، التي تأتي ثانياً، ومن بعدها الطاقة المائية، والتي تقدم للعالم اليوم 15% من الطاقة التي يستخدمها الإنسان.

وسوف يميّز التاريخ عام 2017 خاصةً في بريطانيا، حيث شهدت المملكة المتحدة أول يوم خالٍ من الفحم في أبريل من العام ذاته، كما تم إعلان أن السيارات التي تسير بالبنزين والديزل، سوف تُحظر من السير في شوارع المملكة ابتداءً من عام 2040.

وعلى المستوى الفردي، هناك خطوات يمكن أن يقوم بها الناس في منازلهم، للمساعدة في الانتقال إلى الطاقة المستدامة، مثل استبدال مواقد الغاز بموقد يعمل بالطاقة الشمسية عالية الكفاءة، وهناك سخانات هواء تعمل بالمضخات الحرارية، وسخانات مياه، ومكيفات هواء وثلاجات تستخدم جميعها حوالي ربع طاقة السخانات الكهربائية القديمة.

وينصح الخبراء الأفراد بالإقبال أكثر على السيارات الكهربائية، والألواح الشمسية والبطاريات التي يمكن تخزينها في المنزل، وهكذا فسينخفض اعتمادهم على شبكة الكهرباء في معظم الأوقات - كما ستنخفض أسعار جميع هذه الأشياء بسرعة فيما لو أقبل الناس عليها بشكل أوسع، ويرى الكثيرون أن الأمر ليس بحاجة إلا لمزيد من الوعي والتثقيف الموجه للجمهور، من خلال وسائل الإعلام التقليدية والجديدة.

وفي الخليج العربي، تحظى تقنيات الطاقة المتجددة باهتمام متزايد، إذ من شأن تطوير مصادر الطاقة المتجددة أن يساعد دول مجلس التعاون الخليجي على التحوط من مخاطر انخفاض إمكانات تصديرها للنفط والغاز مستقبلاً، وانخفاض ما يرتبط بهذا التصدير من إيرادات من العملات الأجنبية، فمن الواضح بشكل متزايد أنه إذا ظلت أنماط الاستهلاك الحالية كما هي، فإن معظم دول مجلس التعاون الخليجي ستصبح مستورداً رئيسياً للطاقة المستدامة في العالم في المستقبل.

علاوةً على ذلك، ستوفر مصادر الطاقة المتجددة لهذه الدول إمكانية تنويع اقتصاداتها، وزيادة أمن الطاقة، والأهم من ذلك، خلق فرص عمل جديدة لدعم واحد من أسرع القطاعات نمواً في العالم.