مع توسع انتشار معاهد الفنون الموسيقية، لتشمل كامل خارطة المملكة، لا تزال منطقة نجران خارج حسابات هذه المعاهد، حيث ينقسم مجتمعها بين متكئ على ما يسميه عادات وتقاليد، ترفض وجود هذه المعاهد، وترفض حتى بعض الآلات الموسيقية والطربية داخل منازلها، وتأبى على أبنائها الالتحاق بركب العازفين أو حتى المستمتعين بالموسيقى، في الوقت الذي يكثر فيه المنشدون في المنطقة، وبعضهم ذاع صيته واتسعت شهرته، وبات متابعوه ومشاهداته عبر مواقع التواصل يصلان إلى الملايين، وبين من يرى أن الموسيقى موجودة حتى في الطبيعة، وبالتالي فإن رفضها يعد أمراً منافيا للمنطق، ولسياق الأمور.

تفاصيل الطبيعة

يقول مدير جمعية الثقافة والفنون في المنطقة علي ناشر آل كزمان «الموسيقى موجودة في تفاصيل الطبيعة من حولنا، ومحاكاتها عبر الآلات الموسيقية مظهر حضاري إنساني، ووجود معاهد تعلم لموسيقى مهم جدا في صقل المواهب وتوثيق الفلوكلور وتطويره».


ويضيف «سعت جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة إلى إقامة دورات سابقة لتعليم النوتة الموسيقية، والعزف على بعض الآلات، واقامت أمسيات فنية لاكتشاف وتحفيز المواهب، ولدينا في الجمعية لجنة خاصة بالموسيقى تعلم الموسيقيين، بهدف إنشاء فرقة موسيقية لعدد من الأهداف أهمها توثيق الأناشيد القديمة المتوارثة وكتابتها بنوتة وحفظها من الاندثار، خاصة تلك الأناشيد المصاحبة للأعمال مثل الحصاد وبناء البيوت الطينية وحفر الآبار وغيرها».

وبيّن أن «من شأن المعاهد الموسيقية وكليات الفنون الجميلة احتضان الفنون بشكل عام والموسيقى بشكل خاص، وستشكل إضافة كبيرة وحقيقية للتعليم بأسس علمية، وتتيح الفرصة أمام المواهب في شتى المجالات لإظهار إبداعاتها وتعزيزها، والخروج بها من حيزها الضيق إلى مجالها الفسيح، راصدة للتراث ومقدمة له بحلة زاهية».

وأوضح «لا تعارض بين العادات والتقاليد وبين الموسيقى، فكل شعوب الأرض لديها عاداتهم وتقاليدها، ولم يؤثر وجود الموسيقى والفنون عامة على امتداد هذه العادات.. الفن هو اللغة الأجمل التي يتواصل العالم عبرها، وهو أحد مكونات العادات والتراث»

مواهب مدفونة

يشدد مدير المركز الإعلامي في نادي حبونا سامي سعود آل لعجم على أنه «من أول المطالبين بوجود معهد للفنون الموسيقية بنجران، لأنه سيحقق طموح الكثير من الشباب الذين يمتلكون مواهب تخفى على الجميع، ومثل هذا المعهد سينمي مواهبهم وقدراتهم، وأتمنى من جمعية الثقافة والفنون مشاركة أفكار شباب المنطقة والاستماع إليها، ونحن بحاجه لإبراز المواهب، ووجود معهد موسيقي لن يؤثر على العادات والتقاليد».

رفض المجتمع

يؤكد يحيى أحمد آل داشل «المجتمع النجراني يرفض وجود هذه المعاهد الموسيقية، بل ويرفض أي آلات موسيقية غير التي اعتادها في مناسباته كالطبول وما شابهها فقط، كما يمنع أبناءه من دخول مجال الفنون الطربية والغنائية أو ممارسة آلاتها، حتى لو استدعى الأمر طرده، أو تتبرأ منه القبيلة».

ويضيف «اعتدنا منذ سنين على أن تعلم الموسيقى وعزفها أمر معيب، فالمجتمع النجراني علمنا الشجاعة والفروسية والشهامة وغيرها من الصفات الحميدة، وهذا منطلق رفضه كمجتمع للموسيقى والمعازف».

حلم طال انتظاره

يشير المنشد عبدالله آل خاطر إلى أن وجود معهد للفنون الموسيقية في نجران أمنية راودته منذ الصغر، وحلم تمناه طويلاً، وقال «هناك مواهب كثيرة في المنطقة تحتاج إلى تنمية وصقل وإظهار لقدراتها عبر هذا المعهد، ومن المجحف أن تبقى حبيسة ومختفية رغم روعتها».

ونفى تأثير وجود المعهد على عادات وتقاليد مجتمع المنطقة، وقال «الوقت يتغير، والعادات تتحسن نحو الأفضل وتقبل الجديد».

دخيلة على الوسط

يرى فهد علي آل عباس أن تعليم الموسيقى عامة، حتى لو كان عبر معاهد متخصصة أمر دخيل على مجتمع يرفض هذا شكلا وتفصيلا، وقال «لا أتمنى وجود مثل هذه المعاهد في المنطقة.. صحيح أن الأمر يعود لجهة الاختصاص، ولرغبة بعض الشباب وذويهم في التعلم، لكني شخصيا أرفض وبشكل قاطع أن يدخل أبنائي هذا المجال مهما كلف الأمر، ومعي بلا شك كثير من الأهالي المتمسكين بعاداتهم وتقاليدهم وأصالتهم، فالموسيقى والغناء دخيلان على المجتمع النجراني وعلى أبنائه، فلم نعهد من آبائنا وأجدادنا مثل هذا».

خطط مدروسة

تمنى أيمن آل قارح أن يتم حث الجامعات والمدراس على إبرام شراكات ووضع خطط مدروسة لتدريب وتدريس الموسيقى، وقال «هناك عدة قصص ملهمة لكبار في السن عزفوا العود وبعض الأدوات الموسيقية، وهذا ما يحرض أصحاب المواهب المدفونة، ولا أعتقد أن هناك تعارضا بين تعلم الموسيقى والموروث والعادات، فالموسيقى نغم من أنغام الحياة الطبيعية، وأتوقع ان افتتاح معهد في المنطقة سيصادفه إقبال كبير».

35 % من المنشدين

يؤيد المنشد أحمد آل ركبان وجود معهد للفنون الموسيقية في نجران، ويقول «أؤيد ذلك بشدة، فالمنطقة التي أنجبت نحو 35 % من فناني ومنشدي المملكة تستحق وجود مثل هذا المعهد المهم جدا لشباب وموهوبي المنطقة».

حجج المؤيدين

الموسيقى موجودة في تفاصيل الطبيعة من حولنا

محاكاة الطبيعة عبر الآلات الموسيقية مظهر حضاري إنساني

وجود المعاهد مهم جدا لصقل المواهب وتوثيق الفولكلور وتطويره

لا تعارض مع التقاليد والموروث

ذرائع المعارضين

تعلم الموسيقى أمر معيب حسب الأعراف

الموسيقى دخيلة على المجتمع الذي لا يزال يرفضها

يتعارض مع مبادئ الفروسية والشجاعة التي اعتادها المجتمع