في مقال بعنوان «هيئة مكافحة الحوادث المرورية» كان الحديث عن تقاطع طرق خطير تقع عليه حوادث مميتة شبه أسبوعية، وكيف أن الخلل في عدم وضع اللوحات الإرشادية أو المطبات الاصطناعية، ولم تتلاف هذه الأخطاء رغم تكرار الحوادث.

وسبب ذلك هو الجهات العديدة المتداخلة في أسباب وقوع مثل هذا الحادث، وكيف أن الأمانة هناك ترمي بالمسؤولية على النقل، وكيف أن الإسعاف لم يخاطب المرور بأن الحوادث على هذا الطريق مميتة، وأن المرور يخاطب «مين ولا مين»، رغم أن هناك لجنة سلامة مرورية في كل منطقة تقريبًا، بل هناك لجنة على مستوى المملكة، ولكن بعد اتصالهم بي من هذه اللجنة من الرياض، وكيف أنه صعُب عليهم تحديد هذه النقطة، وفي نهاية المكالمة: «سنخاطب الجهات المعنية بتوفير وسائل السلامة لهذا الطريق»، «وبس»!

وكأن المشكلة تخص ألعاب فيديو وليس أرواح بشر، وأن الحل قد يكون بهيئة مكافحة الحوادث المرورية، على وزن هيئة مكافحة الفساد، لكن الأيسر من ذلك، هل تخيلت يومًا أنك، وقبل أن تسلك طريقًا أو تزور مدينة أنه وبمجرد دخولك على خريطة من خلال منصة وطنية موحدة للحوادث المرورية، تجد خريطة هذه المدينة أو حتى القرية، وتجد بها أماكن وقوع الحوادث المتكررة ودرجة خطورتها ونتيجتها من وفيات أو إصابات أو تلفيات مركبات.

ففي اعتقادك كم من أمانة ستحترم «الأمانة» الملقاة على عاتقها، و«تستحي على نفسها» وتقوم بزيارة هذه الأماكن لدراسة أسباب كثرة الحوادث هناك وتحد من وقوعها، وكم من مسؤول سيعرف أن عمله متابع ومرصود أمام الجميع، بدءًا من جندي المرور إلى قائد مرور المنطقة، ومن المسعف إلى قيادة هيئة الهلال الأحمر، ومن دهان الأرصفة إلى مجلس إدارة الشركة التي جلبت الدهان وحجر الأرصفة.

بل هل تخيلت أنه، وقبل شرائك سيارة معينة، يمكنك أن تعود لمنصة موحدة بها قاعدة بيانات، فتجد فيها أعلى الماركات والفئات من السيارات تعرضت للحوادث بنسبة وتناسب مع عددها في السوق، وبهذا تبتعد عنها لأنها مركبات قليلة الأمان، وتحض على النوع الآخر الأعلى أمانًا من فئتها، مما يجعل الوكيل لهذه السيارة يعلم أن كل قطعة غيار وكل سيارة على غير جودة ستحتسب في رصيد الحوادث، فتجده يخاف كما أصبح وكلاء الأجهزة الكهربائية يخافون من «ترشيد»، والتي تفضح رداءة أجهزتهم دون محاباة.

ما أريد قوله إننا في زمن الذكاء الاصطناعي، وإنك لو ذهبت من قرية «قريح» إلى قرية «قريحان»، والتي لا يعرفها أحدًا، ومع ذلك تستطيع أن تفتح تطبيقًا إلكترونيًا يستطيع أن يحدد موقعك وسرعتك، بل ويخبرك بكل ما أمامك من حوادث و«سواهر»، وإدارته ومطوريه «نايمين بأمريكا»، فكيف لا يمكن أن يكون هناك تطبيق موحد يقوم من خلاله موظف الإسعاف الذي باشر الحادث بإدخال تفاصيل الحادث، التي من جهته عن حالة المصاب وموقع الحادث وغيره، وعسكري المرور بالتخطيط الحقيقي وتصوير كافة جهات الشارع، ونوع المركبة، والأهم من ذلك كله موقع الحادث، ويكون هناك مركز تحليل موحد لهذه المنصة التي تتغذى بالمعلومات من الجهات الرسمية عن طريق تطبيق موحد بينها.

ومن هنا يمكن الاستفادة القصوى من هذه البيانات أسوة بفكرة تطبيق «توكلنا»، وكيف أنه تمت الاستفادة القصوى منه من قبل مطوريه بـ(SDAIA) في جائحة كجائحة كورونا، وسترى الجهات التي كان كل منها ترمي بأخطائها على الآخرى تجدها تتكاتف وتجد الحلول، بدلًا من تعقيدها خوفًا من تحليل «المنصة الموحدة للحوادث المرورية».