قدر الله على عباده جائحة كورونا، فأصاب الناس بسببها نقص من الأموال والأنفس. وبُذلت كثير من الاحترازات الصحية لسلامة الإنسان. ولا ريب أن الأخذ بالأسباب الصحية الواقية من فيروس كورونا التي توجهنا بها وزارة الصحة بحكم تخصصها: كالتباعد، ولبس الكمامة، وغسل اليدين.. إلخ، أمر مطلوب ومهم، فالشريعة تأمر بأخذ الأسباب المباحة.

وإني أُذكِّر بأهمية الأخذ بالأسباب الشرعية التي ترفع البلاء، ومن ذلك: اللجوء إلى الله ودعائه فهذا المرض عذاب، تعذّب به كثير من الناس ومسهم وأهلهم ومالهم بسببه الضر، وإنما يدفع هذا العذاب بالاستكانة والتضرع إلى الله، بدليل قوله تعالى (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُون)، فعلى الناس أن يجأروا إلى الله بالدعاء، قال تعالى (وإذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان) وقال تعالى (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً)، فالله هو الذي ينجي عباده إذا دعوه، ينجيهم من ظلمات البر والبحر، ويكشف عنهم الضر، ويرفع عنهم الرجز، وينجيهم من كل الشدائد، كما في قوله تعالى: {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِين * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْب ثم أنتم تشركون}، وقال تعالى {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُو}، وقال تعالى {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ} فكشف الضر إنما يكون بدعاء الله تعالى، وقال تعالى {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوه} فالله هو الذي يكشف الرجز.

إنه لا غنى لنا عن رحمة ربنا طرفة عين، فلندعوه مخلصين له الدين، فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ومن تأمل كتاب الله رأى قصص الأنبياء وأممهم وأقوامهم، وأن دعاء الله وإخلاص العبادة لله هي المنجية من كل كرب، بل حتى الكفار إذا ركبوا في الفلك واشتد عليهم الأمر، وجاءتهم ريح عاصف، وهاجت الأمواج عليهم، دعوا الله وحده، وتركوا ما سواه، لعلمهم أن الشدائد لا ينجي منها إلا الله وحده لا شريك له، كما في قوله تعالى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِين * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون}.