تواصل معي أحد منسقي برامج قناة «الإخبارية» لأقوم بمداخلة عبر الاتصال المرئي للحديث عن برنامج «يسر» للتعاملات الإلكترونية الحكومية، وللتحضير لهذه المداخلة، أخذت نظرة خاطفة على هذا البرنامج وأغلب برامج التحول الرقمي التي دخلت حيز التنفيذ خلال السنوات القليلة الماضية وكأن لسان حالنا يقول «وين كنا ووين صرنا» من ناحية التطور التقني لمواكبة تحقيق رؤية 2030.

فمثلا حينما يتم طرح وظائف التجنيد العسكري سابقا، تجد أن الخريجين الراغبين للتقديم على هذه الوظائف يتخطون حاجز الـ50 ألف متقدم على جميع القطاعات العسكرية، والأغلبية منها متقاربة الوقت في التقديم، فتجد مثلا أن «باصات» النقل الجماعي ورحلات الطيران وسيارات التاكسي «الكداده» وحتى غرف الفنادق وتذاكر الطيران و..... و..... وما إلى ذلك قد امتلأت بسبب هذه الحركة، ويأتي اليوم الموعود للتقديم وتجد الحوادث والمضاربات والتعارك مع حراس الأمن هناك، فقط ليجد كل منهم رقما للطلب، وتبدأ بعدها العملية الأصعب وهي فرز المتقدمين، ومن الصعب فرزهم بطريقة متعادلة بسبب اختلاف الشهادات والوثائق، أما اليوم فالمتقدم «مغطى ببطانيته» وعلى سريره ويدخل لهذه المفاضلة و«لا سفر ولا وجع رأس»، وقس على ذلك كل التقديمات الوظيفية والدراسية على مستوى جميع الوظائف والجامعات والمعاهد، وكل ذلك لم يأت من محض الصدفة، بل بجهود مراكز الربط بين الجهات الحكومية والخاصة، فتجد أن برنامج «يسر» مثلا يربط 62 جهة حكومية ولا يفصل بينها سوى «ضغطة رز».

ناهيك عن المعاملات الحكومية الأخرى، فمثلا كان التقديم لمستفيدي الضمان لا بد أن يمضي أكثر من 6 أشهر للتحقق من المستندات المطلوبة، والسبب أن المعاملة تحتاج للذهاب من اللجنة بالمستشفى إلى مكتب الضمان الاجتماعي أكثر من شهر، وكأن هذه المعاملة تحمل على «ظهر نملة»، واليوم برنامج موحد يخص الحالة الصحية للمتقدم و«سمع الله لمن حمده».

أما لو تذكرنا حالنا قبل «أبشر» فأتذكر أن طريق الملك فهد بالرياض كانت طرقه الفرعية بالقرب من مقر الجوازات هناك شبه مغلقة، وكانت الطوابير من الساعة الـ5 فجرا، والساعة الـ7 صباحا تنفد أرقام الانتظار لأنه قد تم توزيع السعة التشغيلية لذلك اليوم بالكامل، ومن أتى بعد الـ7 صباحا عليه أن يأتي مع «الأشفاع» غدا، واليوم الجوازات والأحوال المدنية كلها وبكامل خدماتها في «جيبك»، ولم يكن ذلك لولا أن من الله علينا بشباب سعودي متمكن تعلم وأفاد بما تعلمه، وفر الوقت والعناء والجهد والسفر والترحال، وسخر التقنية وسعى خلف حل مشاكلها حتى أصبحت حكومتنا الإلكترونية من الأفضل على مستوى المنطقة والعالم في توفير خدمات إلكترونية مجانية وبهذه السعة والجودة، حتى إن تذكرنا ما كان يمر بنا سابقا لإجراء أي معاملة روتينية وكأن لسان حالنا يقول «كيف كنا عايشين؟».