المؤسسات مشاريع حية، وخطط متحركة تنفذ على أرض الواقع كل يوم، وأفكار تسعى بين نجاح وفشل، فالمؤسسات إذا كيان تنبعث منه الحياة، وتسيره روح الرغبة الجامحة في النجاح، وفي خضم كل هذه الحياة المؤسسية، قد يفجع جمهور المؤسسة الداخلي والخارجي، بدخول المؤسسة إلى غرفة الإنعاش، فهل تمثل تلك صدمة كدخول عزيز أو حبيب إلى ذات الغرفة؟ الجواب قد يحمل الكثير من «نعم»، في أوقات كثيرة وفي ظروف ملائمة إلى حد يتسم بالتشابه بين حالات مؤسسات كثيرة.

والسؤال الذي نطرحه بعد أن تأكدنا من أن هذا الكيان العزيز على قلوب البعض قد أدخل بالفعل إلى حيث سيحاول البعض إنقاذه، قبل أن يفارق السوق إلى حيث قد يرقد اسمه التجاري رقدته الأبدية، هل كان ثمة من يعلم أن المؤسسة كانت في طريقها لهذا المصير، وهل كان ثمة مخارج تم تجاهلها عمداً أو إهمالاً؟ وهل وضعت الإدارة سريعاً خطة إنقاذ أو خطة لملمة لجراحها بعد فترة العزاء؟ وهل سيسمح فريق الإنقاذ بحتمية تلقي العزاء في المؤسسة؟

دخول المؤسسة إلى غرفة الإنعاش ليس حدثاً سيفاجئ إدارتها، والجميع يعلم أن صحة المؤسسة أكثر ملاحظةً بكثير من صحة الإنسان التي قد تتدهور لتودي بحياته، فالمؤسسات لها ترمومتر تراجع وانهيار حساس جداً، وفعال جداً، والمؤسسة تحتاج إلى فحص دوري ومكثف للوقوف على صحتها السوقية، والإجراءات التي يتخذها القائمون على مؤسسة ما لحمايتها من التدهور سوقياً، هي إجراءات لا تقل صرامة أو لنقل يجب ألا تقل صرامة وجدية وسرعة في الاستجابة عما يقوم به طبيب يحاول إنعاش مريض على سرير بمشفى ما في مكانٍ ما.

ولإنعاش أي مؤسسة، نحتاج إلى التعامل مع الحدث بحياد كامل، فنحن نكاد لا نرى طبيباً يحاول إنعاش مريض وهو منهار يبكي، فالعواطف يجب أن تنحى جانباً وطيلة وقت الأزمة، كما أن القائمين على إنعاش المؤسسة يجب ألا يكونوا المسؤولين عن انهيارها، فكما أن المتسبب في انهيار صحة مريض ويُمنع من زيارته، فالمؤسسات حين تقع في أزمة كبرى يجب أن يعالج أزمتها من لا يشعرون بعقدة الذنب، فعقول هؤلاء ستكون دوماً محشوّة بالأفكار السلبية، ولكن يمكن الاستعانة بهم دون إعطائهم صلاحيات، كمصدر معلومات لما حدث في إطار سعي خلية الأزمة لوضع سيناريو الإنقاذ.

ختاماً، المؤسسات تولد، وتكبر، وتحيا، وقد تموت. وليس المهم أن نعلم فقط أسباب إدخال مؤسسة ما لغرفة الإنعاش، فهذا لا يكفي، ولكن نحتاج دوماً من خلال معرفة سبب انهيارها أن نبدأ وعلى الفور بإنعاش أو لنقل معالجة الوظائف الحيوية الأكثر تضرراً في جسد المؤسسة، خاصةً القلب وهم الموظفون، ومعهم الدماغ وهم لا شك جزء من قادتها الذين لم يتسببوا بشكل مباشر في وصولها إلى حافة الموت.