من هو القتيل؟ اسمه لقمان سليم. ناشط حقوقي لبناني. ابن النائب الراحل محسن سليم المنضم لحزب الكتلة الوطنية الذي أسسه الراحل إميل إدّه، الحزب اللبناني الذي كان أوّل من واجه هيمنة حركة فتح عندما أضاعت البوصلة وبات همّها الأول الهيمنة على لبنان.

وهو ابن الأديبة والصحافية الألمعيّة سلمى مرشاق. ورث عن والده الجرأة المطلقة بالموقف وعن والدته ذكاء الكلمة.

اتخذ من إرهاب حزب الله وفساد السياسيين اللبنانيين محوراً لنضاله السياسي.

كان تخصصه الكتابة والتعليق، فما تُراها تفعل بضع كلماتٍ من هنا أو هناك أمام تنظيم مدجج بالصواريخ وبالعقول المُعَدَّة للتخريب والغيّ؟ من حيث المبدأ، يُفتَرَض بها ألا تقدم ولا تؤخر، ولكن الكلمة التي تلامس الحقيقة تُقلِق كثيراً لأنها تنزع رداء الكذب عن خطاب مذهبي ممجوج بالأساطير والأوهام وتكشف زيف الارتهان والنفاق.

القتيل قرر تحدّي تنظيم إرهابي اتخذ اسم الله مرادفاً له وعنواناً لنشاطه التخريبي الممتد في أرجاء منطقة الشرق الأوسط. كافة.

للقتيل/ الشهيد نقول: لو كان ثمة بانتيون للبنان، فأنت مستحقّ للمركز الرفيع فيه. وإن انتقلت عنّا بالجسد، فستبقى تُلهمنا.

من هو القاتل؟ عصابة من المخربين ترتدي الدين والطائفية البغيضة ستراً لها، وتعيث في لبنان وبلاد العرب تخريباً يومياً.

نشأت في ظل غياب الدولة اللبنانية إبان الحرب الأهلية وارتبطت عضوياً ومنذ يومها الأول بالحرس الثوري الإيراني.

هذا التنظيم، بكل بساطة، عدوّ للحضارة والسلام. حيثما وجد شعباً هانئاً اتخذه عدواً له.

هذه العصابة المسمّاة حزب الله، حين بحثت في كل (الأسامي) الأرضية عن صفة أو مسمى يكون شعاراً معبراً عنها وملائماً لمنهجها، لم تجد شيئاً يقنعنا أو يبهرنا فاتخذت من أشرف الأسماء شعارها لأنه، بالمحصلة، من يجرؤ أن ينتقص من حزبٍ ينتمي لله؟

وتحت اسم الله، ارتكبت هذه العصابة، ولا تزال ترتكب، أشنع الجرائم وأرذل الأفعال في لبنان وبلاد العرب.

للقاتل نقول: لقد بتّ تختزل كل صفات العدو الذي تدعي محاربته. إنك من كثرة التصاقك به، ولأنه شماعتك الوحيدة، أصبحت إيّاه. فأصبحنا نحن لبنان وأنت إسرائيل، نحن المواطنون الشرفاء وأنت أنطوان لحد، نحن المسجونون وأنت عامر الفاخوري، نحن بيروت المحاصرة وأنت أرييل شارون، نحن الجمّيزة بسهراتها وحياتها الزاهية وأنت أطنان الأمونيوم والمتفجرات، نحن أهل المقاومة الحقيقية، نقاوم من أجل حياةٍ أفضل، ومستقبل كريم، ووطن خالٍ من الفاسدين الذين تحتضنهم وتحميهم وتحتمي بهم، وأنت العدو المحتل بكل قبحه وصلفه، نحن المقاومون الحقيقيون المخلصون لوطننا وأنت المتاجر بحياتنا عند أسيادك اللئام، نحن، إن اختلفنا نناقش، أما أنت فتقتل. لأنك فاقد الحجة وغارق بالآثام حتى أذنيك. بضاعتك الوحيدة وعود ماورائية تنضح بالمذهبية والحقد التاريخي.

أنت تنطلق في مشروعك السياسي من عُقَد القرون الوسطى، فرس وعجم ضد عرب، دولة صفويّة ضد دولة عثمانية، خراسان ضد بغداد. كله هذا عقلٌ بائس لا يجب أن يكون له أثر على زمننا الراهن.

في هذه الأيام العجاف التي يمر بها لبنان بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي الشامل، أنت تقول لجمهورك أنه لا يحقّ له سوى كيس من الخبز تقدمه لهم يومياً مجاناً. تقدمه لهم ليصمتوا. تشتري حريتهم لقاء كيس خبز ليتركوا لك لبنان تعيد ترتيبه كيفما تشاء.

بيروت هذه لنا وسنحيا تحت شمسها وسننزع عنها الرايات السوداء. أما أنت فلك الأنفاق بظلمتها وجرذانها.

لم تمرّ على لبنان خمسة آلاف سنة من الإشراق حتى تأتي أنت لتحجب عنه النور.

بيروت ستنفض عنها صور الوجوه الكالحة كما نفضَت عنها، قبلك، جيش إسرائيل ومقاتلي فتح ومخابرات دمشق.

في تاريخ هذه المدينة أنت لست شيئاً يُذكَر. أنت لست أكثر من خطوة كبيرة للوراء.

نحن اللبنانيون أكثر من يعلم أن الاستبداد يبدأ بالتردُّد والخوف. وقد قررنا منذ قرون ألّا نخاف.

اليوم نقول: لقد بتَّ خطراً موصوفاً على الهوية والروح اللبنانية المحبّة للحياة والسلام.

لقد بات ضررك أكثر من نفعك ولم يعد من المنطقي أن تستفيد من نظامنا الحر والديمقراطي لتزيد استبدادك وشرورك.

لذا فقد آن أوان شحذ الهمم وإعمال الفكر للتخلّص منك.