في ظل عالم مليء بالأنانية، ونزعة نحو الفردية وسيادة للمصلحة الشخصية، وهتك بأسس العلاقات البشرية والقيم الأخلاقية، يوجد العطاء. أرقى قيم الفضيلة وأرفع مبادئ الإنسانية عطاء لا يخضع لقياسات المصلحة، ولا مكنونات النفس وأطماعها، تبناه من رجحت لديهم كفة الرحمة، وصفت أرواحهم من الشوائب، ولامست دواخلهم بمن ضجت أجسادهم بالأوجاع، وعاشوا قسوة الألم، وتنكرت لهم الحياة، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت.

برزت جمعية البر الخيرية بالسويرقية إحدى أيادي العطاء منذ تأسيسها، رفضت أن تكون رقماً بلا قيمة، بدأت تتلمس طريقها في تفريج كرب المكروبين، وتخفيف الآمهم وأحزانهم، تدفع عنم الأسى لتأخذ بقلوبهم المنكسرة إلى السكينة والطمأنينة، وتزيح ركام اليأس والحاجة عن كواهلهم، وتجبر خواطرهم ليجدوا فيها مرفأ آمنا، ولتعيد لهم بريق الأمل ليحسوا بأنفسهم بقوة من بعد ضعف، وقدرة من بعد عجز، في إنجاز عظيم يستمد عظمته من صفاء نيتها ونبل غايتها.

أعضاء الجمعية وهبوا أنفسهم للعمل الخيري، دون أن يدفعهم إلا انتفاضة قلوبهم الرحيمة وأرواحهم الفياضة المليئة بالعطاء، مدركين أن السعادة بقدر البذل والسخاء خارج إطار المنفعة والمقابل، فلم يقفوا متفرجين في مسرح الحياة، إنما سلكوا درب التآزر والتضحية ومحبة الخير، ممتثلين للرسالة المحمدية مقصداً ومآلا.

إن تبلور العمل الخيري بالسويرقية من الهبات الشخصية ذات الطابع العاطفي، لكيان مؤسسي مؤطر متكامل في الدور مع مؤسسات النفع العام، انعكاسا للاستشعار بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية، ومساندة لجهود الأجهزة الحكومية، بما يمكن اعتباره ترجمة فعلية للمواطنة الصالحة، وللخير الكامن بنفوس أبنائها.

انطلقت جمعية البر الخيرية بالسويرقية تحت مظلة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، برؤية إنسانية سامية تتطلع للعمل الصالح، لتحقيق التكافل والتراحم، وبث روح الخير وسعياً لتطوير المجتمع، وتنمية مستوى عيش أفراده، ولتحقيق ذلك قدمت الجمعية العديد من الخدمات، كالمعونات العينية والمبالغ المالية المقطوعة، وترميم وبناء المساكن للأسر الأكثر احتياجاً وتعففاً.

كما قادت برامج نوعية كبرنامج رعاية المسنين، وتفريج كربة وكفالة الأرامل والأيتام، وبرنامج العلاج الخيري ودعم مشاريع الأسر المنتجة.

غطت البرامج والخدمات بمظلتها المستفيدين بكل كرامة وود، وبجهد مخلص يروم الخير للغير. كما أسست الأوقاف الخيرية للنهوض بقدراتها، للإيفاء بخدماتها وذراعا للاستدامة المالية. مشوار الجمعية كان حافلا بالأرقام والمؤشرات، التي تثبت فاعلية الأداء وشفافية التعامل وجودة التنفيذ، فحصدت الجوائز وخطابات الشكر رغم قصر عمرها.

ويعزى تميزها لإدارة رشيقة ووثابة، قادتها للاتجاه الصحيح لريادة المنظومة الخيرية، لتكون شريكاً في البناء والتنمية، بضمان مهنية العلاقة مع المانحين والمستفيدين، وفق رؤية تعزز المكتسبات في العمل الإنساني.

أخيراً بر السويرقية قطرة غيث من سحابة خير في وطن عظيم، تجذر وتأصل الخير والعطاء في قادته وبين أبنائه، يتطلعون لعالم لا يشوبه الكمد ولا تنهكه الأوجاع.