في تصرف غير مسؤول عاد البعض للتزاحم في الأسواق والمناسبات وقصور الأفراح، فأقاموا المآدب والولائم وخالطوا بعضهم البعض أفواجاً وجماعات، ولا أدري إن كان هذا البعض قد مل ارتداء الكمامات الواقية، أو ضاق ذرعاً بالإجراءات الاحترازية التي فرضت من أجل المصلحة العامة، واستهانوا بشراسة الفيروس الذي ما زال بيننا.

المشهد العام في جانب الالتزام بتعاليم الإجراءات الاحترازية، وتطبيق التوصيات الخاصة بمكافحة فيروس كورونا اختلف كثيرا عن المشهد العام السائد قبل ثمانية أشهر من الآن.

التقيد بتلك التعليمات أصبح هامشيا، ولم يعد يؤخذ بالتعليمات الاحترازية على محمل الجد لولا الجولات التفتيشية التي تقوم بها الدوريات الأمنية لضبط المتساهلين بالتدابير الوقائية، والضرب بيد من حديد، وفرض الغرامات المشددة على كل من يضبط وهو في حالة عدم الالتزام. إن حالات التساهل واللامبالاة وضروب الاستهتار التي كنا نراها في بعض الأماكن العامة بصورة فجة، أصبحت محدودة وحالات فردية، فهذا التراخي من قبل أفراد معدودين كان سببا في عودة انتشار العدوى بين الناس مرة أخرى، وكان مدعاة لارتفاع عدد الإصابات مرة أخرى.

ومن المحزن حقا أن نري تلك الحالات وهي تعود بيننا من جديد بعد أن أخذت تتلاشى رويدا رويدا بشكل كبير.

متى يدرك هؤلاء أن التقيد بالإجراءات الاحترازية والتزام التدابير الوقائية، ليست حرية شخصية أو سلوكا فرديا، بل هو واجب شرعي وطني يتوجب على الجميع التقيد به إلى أقصى درجة ممكنة، فمن الممكن أن يؤذي الفرد الواحد الجميع بهذا الاستهتار.

ومما يؤسف له أن نرى ونسمع من يحتج بالآية الكريمة (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) ويضعها في غير موضعها. هذا الفهم الخاطئ والمختزل الشائع بين بعض العوام من الناس هو أحد مساوئ الفهم المعوج لنصوص الآيات القرانية.

أخيرا أقول إنه من خلال المشاهدات اليومية لمعدل التناصح والإرشاد عن الإجراءات الاحترازية، أستطيع أن أفند المتعاملين مع هذه الحالات إلى صنفين، صنف لا يري أي غضاضة في نصح وإرشاد أو تجنب ونهر هؤلاء المستهترين، وهذا الذي يفترض أن يعمم على الجميع، فيما الصنف الآخر مع الأسف يجد حرجا في ذلك، تمنعه فضيلة الحياء على نهر أو زجر أو حتى تجنب من لا يلتزم بالإجراءات الاحترازية. هذا الصنف قد يؤذي نفسه بذلك الحياء، بل ويؤذي أهله الأقربين والمجتمع بأسره، فهذا الموضع ليس موضع حياء ولا تهاون. فيا حبذا أن نتحلى جميعا بالجرأة، ننصح ونتناصح، نرشد ونسترشد وننهر هذه الفئة حتى نحمي مجتمعنا من هذا الوباء.