(1)

بداية دعونا نتفق أن القرارات التي نتخذها في الحياة ليست متعلقة دائماً بقرارات العمل والوظيفة، ورغم أن ما سأكتبه هنا في هذه المقالة غالباً ما ينطلق من عالم الأعمال، لكن، خذوا بعين الاعتبار أنكم تستطيعون إسقاطه على مجمل الحياة.

(2)

قبل أن تعرف كيف تصنع قراراتك بحكمة، يتوجب عليك أن تعرف ما أنواع القرارات؟ فبحسب كتاب صناعة القرارات الإدارية بين النظرية والتطبيق، يرى مؤلفوه أن أنواع القرارات الإدارية للمنظمات ثلاثة أنواع: الأول: القرارات الإستراتيجية؛ وهي القرارات التي تؤثر في جميع الأجزاء وتقع مسؤوليتها على عاتق الإدارة العليا. الثاني: القرارات التكتيكية؛ وهي القرارات المؤثرة في جزء معين ويتولاها مديرو الإدارة الوسطى. الثالث: القرارات الروتينية؛ وهي القرارات التي يصدرها دائما مديرو الإدارات الدنيا، وهي دائما متكررة وتخضع للروتين واليومية وللوائح والتنظيمات.

(3)

في ظني أن الحكمة موضوع نسبي، وهي- في رأيي- أنها متعلقة بالتبصر في رؤية التبعات التي ممكن أن تحدث نتيجة لاتخاذ الإنسان قراراته في هذه الحياة. وإذا ما قيل إن فلانا شخص حكيم، فهو بالضرورة ليس أمرا مطلقا، ولكن ما بدر منه من مواقف سابقة وفي قرارات ماضية أثبتت الأيام صدق نظرته، وسعة تبصره، أعطت الآخرين الحق بأن ينظروا له بهذه النظرة.

(4)

الطمأنينة، وعدم الخوف، والهدوء، والاتزان، والنظر بعين الاعتبار لأقصى حد ممكن من الاعتبارات، هو في نظري المحدد الأساسي لفكرة الحكمة. والإنسان الحكيم، لا يمكن له الوصول إلى هذه المرحلة دون مراجعة دائمة لأخطائه السابقة واعترافه بها، وأيضاً امتلاكه الشجاعة على تصحيح ما يستطيع أن يصححه منها.

(5)

لا علاقة بالسن والعمر، والمعرفة والعلم، بالحكمة. بل العلاقة قائمة في رأيي وبشكل أساس، على التجارب والمماحكات والاختلاط بالناس والاطلاع على تجاربهم، يضاف لها بالطبع بعض مما سبق.

(6)

في مقالة لأندرو ليكرمان، بعنوان مقومات المحاكمة العقلية الناجحة؛ يذكر عددا من العوامل الواجب اتباعها لمن يرغب بأن يكون شخصية حكيمة: أولا: التعلم؛ يقول: أنصت بعناية واقرأ بعين ناقدة. ثانيا: الثقة؛ يقول ابحث عن التنوع وليس عمن يدعم قراراتك. ثالثا: الخبرة، يرى أن عليك أن تكون خبرتك وثيقة الصلة بمجالك ودون أن تكون محدودة. رابعا: الانفصال الفكري والعاطفي، بحيث يجب أن تحدد تحيزاتك ثم تعمل على هدمها. خامسا: نوع في خياراتك، وشكك في الحلول المطروحة. سادسا: نفذ، وتأكد من جدوى وحسن التنفيذ.