ثمة أقوام من بني جلدتنا، ممن يتكلمون بألسنتنا، وينتسبون لديننا، يصفون أنفسهم «بالتنويريين»، والواقع أن كثيرا منهم «ظلاميون»، لأن النور إنما هو في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، قال تعالى { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور}، فمن عمل بما دل عليه الكتاب والسنة فهو «على نور من ربه» ومن خالفهما، واستبدلهما بتيارات وجماعات وأفكار أنشأها البشر كالليبرالية والإخوانية ونحوهما، فهو في {ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} نعم هم ظلاميون ولا تنفعهم نسبة أنفسهم للنور، كما لا ينفع المفسدون أن وصفوا أنفسهم بالمصلحين، قال تعالى (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون* ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) فالعبرة بالحقائق لا بالشعارات الجوفاء.

إن من أعرض عن كتاب الله، واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فإن له معيشة ضنكا وسيكون معرضا للفتن والضلال، مهما ادعى النور والتنوير، لأنه خالف أمر الشرع والله تعالى يقول: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

لقد ذكر الله في كتابه أن الكفار والمنافقين بعضهم أولياء بعض، وأنهم جميعا لا يحبون أهل الإيمان، وأنهم سيستمرون بالكراهية لهم والأذى والحسد، كما قال تعالى: { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء}، وقال تعالى {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم}، وقال تعالى {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} وقال تعالى {ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم}، وقال تعالى {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).

فالله تعالى هو الذي خلق الخلق وهو أعلم بخلقه { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} وقد نبأنا سبحانه أن الكفار يكرهوننا، وما يودون أن ينزل علينا من خير من ربنا، لكن المنبهرين والمعجبين بهم يرون غير ذلك، فطائفة منهم صاروا يكرهون المسلمين، ويسلقونهم بألسنة حداد، بينما يحبون الكفار ويحرمون كراهيتهم، وطائفة أخرى منهم رأت أن الآيات الكريمة صريحة في بيان كراهية الكفار للمؤمنين، فانبروا لتحريف الآيات التي تبين كراهية الكفار للمسلمين، وتفريغها من محتواها، فنقول لهم (أأنتم أعلم أم الله). فالله أخبرنا أنهم يكرهوننا.

إن ديننا الإسلامي يحرم علينا الاعتداء على الكفار بغير حق، ويأمرننا أن نتعامل بالعدل والحسنى مع من لم يعتد علينا مهما كان دينه، ولكنه في الوقت نفسه بين أنه سبحانه عدو للكافرين، وأمرنا بأن نأخذ حذرنا منهم كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم} وقال (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة}، ونهانا عن اتخاذهم أولياء فقال: {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء}.

وإن شئت مثالا لعداوتهم، فانظر إلى التقرير المسيء الذي خرج منهم ضد بلادنا وقادتنا، واستنتاجاتهم الخاطئة الظالمة.

فهم يتخذون بعض الأعذار الكاذبة لإرادة الظلم والعدوان، فجمال خاشقجي -رحمه الله- مواطن سعودي تمت محاكمة قاتليه أمام القضاء الشرعي، ورحب بذلك المجتمع بما فيه عائلته، ولكن الكفار لا يهمهم خاشقجي ولا لجين ولا غيرهما، فقد قتلوا مئات الخلق في أبو غريب وغيره، ولكنهم يتخذون ذلك أداة للتدخل في شؤوننا.

إن استنتاجهم الذي ذكروه في تقريرهم، كاستنتاجهم في وجود أسلحة دمار شامل في العراق، كله كذب ولا حقيقة له، هدفه الإساءة للإسلام والمسلمين، ويؤيدهم في ذلك المنافقون المرتمون في أحضانهم وبلادهم.

إن علينا أن نتمسك بديننا، ونطيع ربنا، ونحذر كل ما نهى الله عنه ورسوله، ونكون صفا واحدا مع قيادتنا، وقد قال تعالى {إن تنصروا الله ينصركم}، وصدق الله القائل {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط}.