يحتفل العالم في الثامن من مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة، ويأتي هذا الاحتفاء دلالة على تقديرها وتأكيدًا على حقوقها في المساواة والعدالة.

ويأتي شعار هذا العام «المرأة في القيادة»، ويتماشى هذا الشعار مع ما حققته المرأة السعودية خلال العام المنصرم، حيث تقدمت المملكة للعام الثاني على التوالي في ما يخص الأنظمة واللوائح المرتبطة بالمرأة، وعلى وجه الخصوص ما تعلق بتقلدها المناصب القيادية مع الرجل جنبًا إلى جنب، وهذا نتيجةً لما تمتلك من إمكانيات وأدوات مهارية وثراء معرفي.

ولعلي أخصص الأسطر القادمة لإحدى الشخصيات القيادية التي سخرت سنوات عمرها وخبرتها الطويلة في العطاء الثقافي والاجتماعي، فكانت القائد المُلهم والخلاق في كل محطاتها المهنية.

نحتفي اليوم بالدكتورة «الجوهرة بنت فهد الزامل»، أستاذة الخدمة الاجتماعية في جامعة الملك سعود (سابقًا)، وعضو مجلس في هيئة حقوق الإنسان، وفي المركز الوطني للدراسات والبحوث.

أُدرج اسم الزامل في قائمة (مبدعين من وطني)، فهي من الكرماء في العطاء العلمي والثقافي، وتعمل كالنحلة في كل الاتجاهات، لخدمة العلم و البحث العلمي و الوطن، منذ حصلت على البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية وبدأت مسيرتها كباحث شغوف لأخذ المعرفة وترك البصمة.

غدت أول أستاذ دكتور في القسم النسائي للدراسات الاجتماعية بكلية الآداب في جامعة الملك سعود عام 1437هـ، خلال عملها في السلك التعليمي، كان لها العديد من النشاطات في المجالات الثقافية والاجتماعية الأخرى، فقد أسهمت في تأسيس عدد من الجمعيات الخيرية، مثل: ذوي شهداء الواجب، وجمعية كيان لرعاية الأيتام ذوي الظروف الخاصة، وبالمثل شغلت عضوية لجان وهيئات استشارية ومجلات علمية ومبادرات كثيرة.

تولت إدارة مركز البحوث الإنسانية في جامعة الملك سعود لعدة سنوات، ثم عادت لاستكمال رسالتها مع الدراسات العليا في التدريس والإشراف على العديد من الرسائل المتميزة. في 2020 وبأمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين، تم تعيين الدكتورة الجوهرة عضوًا متفرغًا في مجلس هيئة حقوق الإنسان، وتزامن الإعلان مع تفشي جائحة كوفيد -19 والانتقال لنظام التعلم عن بعد، فضاعفت الزامل من حرصها على طالباتها، وحاولت بروح الإخصائي أن تعالج ما ترسب في نفوسهن من مخاوف تنوعت أسبابها، وهنا يأتي دوري كشاهد عيان على ما حصل.

لا أبالغ إن قلتُ بأن في نموذج الجوهرة الزامل ما يدعو للتأمل والاستبصار، فهي خليطٌ من متعة وإثراء وسبق أن وصفتها بأنها كقناة روتانا (مش حتقدر تغمض عينيك)، أينما وجدت، وُجد الانبهار، غلبت الكِتاب في كونها جليسًا حين نأوي إليه لا نحمل إلا تساؤلاتنا وكوب شاي.

كان لي شرف التتلمذ على يدها مرّتين، وكل مرة كانت مختلفة عن سابقتها، كبئر معرفة لا ينضب، في كل دورة يزداد حديثها لذة الاكتشاف، خلال الجائحة كانت القائد لثمانية عشرة طالبة في مرحلة الماجستير، بدأت معهن إعداد بحث من الصفر وحتى النشر، ثم خرجت من الصورة تاركةً الذكرى الطيبة، قائلة: «رفضت أن يكون اسمي فوق وأساميكم تحت، لهذا شلته من غلاف البحث، هذا إنجازكم، وأبغاكم تعيشون الفرحة».

في الكلمة السعودية في الجزء رفيع المستوى من الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان، والتي ألقاها رئيس المجلس الدكتور عواد بن صالح العواد، ذكر أن الهيئة نفذت ما يقارب 90 إصلاحًا حقوقيًا في السعودية، وإننا نفخر بأن تكون للدكتورة الجوهرة الزامل مساهمة في هذا الانجاز، كأخصائية اجتماعية في المقام الأول تمارس دورها الدفاعي، وإمرأة سعودية في المقام الأهم ونموذج يُدرَّس في الشغف والجود اللامحدود.