ناشد أهالي مكة المكرمة المسؤولين في أمانة العاصمة المقدسة مرارًا وتكرارًا من أجل إيجاد حل جذري، ينهي المعاناة القائمة منذ زمن طويل، فيما يتعلق بالوقوف قرب مقبرة «المعلاة» شمال المسجد الحرام، كون الأمانة هي الجهة المخولة بهذا الأمر، آملين من المسؤولين فيها النظر بعين الاعتبار للعراقيل والصعوبات التي تواجه الأهالي من المشيعين لجنائز موتاهم، فمراسم الدفن وتشييع الجنازة لا تأخذ من الوقت الكثير، ما هي إلا ساعات قليلة معدودة وينفض الجميع عن الميت، ويمضي كل في حال سبيله، لكن فيما يبدو أن شكوى أهالي مكة ومناشداتهم ذهبت جميعها أدراج الرياح، والحال مازالت على ما هي عليه حتى اللحظة، لم يطرأ أي تطور إيجابي، ولا استجابة.

والعجيب أن الشركة المشغلة لهذه المواقف وجدت في هذه المعاناة فرصة سانحة لسحب أكبر عدد ممكن من المركبات التي توفر لهم دخلًا ماديًا كبيرًا خلال دقائق معدودة!!

المتابع لهذه المعاناة والمنصف، يدرك أن اصطفاف السيارات بمحازاة الطريق بالقرب من المقبرة، ماهو إلا لدفن متوفى أو لتشييع جنازة، وليس لأمر آخر، ووقوف المركبات في أوقات مختلفة وبأعداد متفاوتة دليل على وجود حالة طارئة داخل المقبرة، والطوارئ كما هو معلوم حالة خاصة، بجب أن يلتفت إليها بصفة استثنائية، فأصحاب المركبات من المشيعين داخل المقبرة لم يأتوا للعبث، بل أتو بحثًا عن الأجر والمثوبة، والقيام بواجب وحق من حقوق المسلم لا غير، فلماذا تلجأ الشركة المشغلة للمواقف إلى سحب مركباتهم بشكل أقل ما يمكن وصفه بأنه عمل غير إنساني.

هذه الشركة لم تراع ظروف ذوي المتوفى ووضعهم النفسي، وحزنهم على الفقيد، واضطرتهم والمشيعين إلى الدخول في مواقف محرجة، ومأزق لا يليق بهم في هذا المكان، ولا في ظل هذه الظروف، كان الأولى بالشركة المشغلة أن تمنحهم ساعات يسيرة، تمكنهم من إتمام مراسم الدفن بسكينة وطمأنينة، لا سيما أن الاصطفاف بالقرب من المقبرة، وفي المواقف المخصصة، لا يتسبب في أي ازدحامات مرورية أو عرقلة للسير.

وبالنظر إلى نصوص الشريعة الإسلامية السمحاء في هذا الخصوص، نرى أنها قد نصت على قيم ومآثر كثيرة، منها على سبيل المثال، العمل على تسهيل أمور المسلمين، وعلى تقديم المصالح العامة على الخاصة، وعلى الابتدار بالأولويات بداية، من ذلك إكرام الميت، والتعجل في دفنه، ونهت عن تأخير الدفن بغير مسوغ مقبول، فتأخير الدفن تصرف لا يليق بالموتى الذين يترقبون الخير الذي ينتظرهم، ولا يليق بذويهم الذين يؤخرون دفنهم بغير مسوغ مقبول، وهو تصرف خلاف السنة النبوية.

كل ذوي الموتى يرجون دفن موتاهم بمقبرة المعلاة في يسر وطمأنينة وسكينة، بعيدًا عن التوتر والقلق الذي يعتريهم في كثير من الأوقات جراء التفكير المستمر في مصير مركباتهم التي ركنوها خارج أسوار المقبرة بصورة نظامية، ولعدم توفر المواقف الكافية والمناسبة، فيتفاجأون - للأسف الشديد- بعد الانتهاء من مراسم الدفن والعزاء، بعدم وجود مركباتهم في الأماكن التي تركوها فيها، نتيجة سحبها من قبل الشركة المشغلة للمواقف!!