انطلقت المظاهرات الشعبية الغاضبة في لبنان، على وقع انفجار أزمة طاحنة، لم يعشها اللبنانيون منذ قيام دولتهم، حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد الى عشرة آلاف لبنانية في السوق السوداء، مع تدني الأجور وارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية، دون أن تتخذ السلطة والأحزاب السياسية أي خطوة لحل الأزمة، أو تسرع تشكيل حكومة سعد الحريري المرتقبة.

يأتي ذلك بالتوازي مع دعوة البطريريك الماروني الراعي، إلى عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، ما استدعى كما يرى الكثيرون ردا «واقعيا» من ميليشيا حزب الله، كما يقول النائب الأسبق في البرلمان اللبناني د. فارس سعيد في تصريح خاص «استغل حزب الله فقر ووجع الناس، عبر تحريك الشارع باتجاه كل الطبقة السياسية، وربما أيضا باتجاه سعد الحريري المكلف بتشكيل الحكومة كي يجبره على ترأس حكومة وفق الشروط الإيرانية، ثم دخل على خط تظاهرات الناس الغاضبة بشكل عفوي نظرا لاعتراضها على كل ما يجري».

رد الحزب

اعتبر البعض أن حزب الله استخدم الشارع، للرد على مطالبة البطريرك الراعي بعقد مؤتمر دولي لأجل لبنان، وتكريس حياده عن الصراعات في المنطقة، ووافق سعيد على هذا الكلام قائلا: «ما قاله البطريرك هو ضرورة تنفيذ الطائف وتطبيق الدستور، وقرارات الشرعية الدولية أما حزب الله فيقول لا تذهبوا بهذا الاتجاه وتعالوا لتلبية شروطنا».

وأكد سعيد أن البطريرك يقف الى جانب لبنان الدولة، ويرفض وجود جيشين، ويؤكد على القرار الوطني اللبناني البعيد عن الحرس الثوري الإيراني، والذي يتعارض تماما على حد تعبيره مع «توجهات لبنان الثقافقية والاجتماعية والسياسية والوطنية والمالية، فلا يمكن أن يبقى لبنان تحت الاحتلال الإيراني لذلك تناضل الكنيسة المارونية ضد ذلك، كما فعلت عند قيام الدولة اللبنانية عام 1929 وعند الاستقلال عام 1943 وفي الاستقلال الثاني عام 2005، ولن تسكت على محاولة فرض الاحتلال الإيراني على اللبنانيين».

ضغط متسلسل

ذكر سعيد أن ضغط ميليشيا حزب الله على كل الطبقة السياسية، من أجل تشكيل حكومة بشروط إيران، لا ينفصل عن الضغط الذي تشهده المنطقة من ناحية التصعيد الأمني ضد المملكة العربية السعودية من قبل الحوثيين، ويتابع قائلا: «ما يحدث في لبنان يصب في نفس الخندق، لأن إيران تسعى في هذه اللحظة الانتقالية إلى ترتيب أوراقها لتحسين ظروف المفاوضات مع الجانب الأمريكي، لذلك تلعب بورقة عدم الاستقرار في لبنان، فإما أن يبقى دون حكومة أو تشكل حكومة بشروطها، لتبقى الكرة في ملعب الطبقة السياسية اللبنانية، أي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، فإما يذهبان باتجاه تلبية حاجة حزب الله لتشكيل حكومة إيرانية، أو ستستمر حالة الفوضى عند تمردهما على ذلك».