بعد التحية والسلام، والمحبة والاحترام، اسمعي مني أبين لك. حظك في الدنيا أنك امرأة وإن القدر لا يرد بل يتعامل معه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

كما أنك كائن مضطرب المزاج دقيق الإحساس، ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم.

وإني لست أدري ما الذي دهاك وأي أمر اعتراك؟ وما هو الخطب الذي أصابك والجلل الذي أتاك؟

إلى متى وأنتِ تعيشين حزن الماضي وهاجس الحاضر وخوف المستقبل؟.

متى تستمتعين بحياتك وتنعمين بالطمأنينة والهدوء؟ أما زالت مشكلتك مع الرجل؟، لم ربطت حياتك بالرجال؟، فإن أحسن إليك أحدهم رضيت عنهم وإن أساء آخر صببت جام غضبك على جنسهم؟!.

أما زلت تنشدين الأمان من الرجل وتقلقين إن أحسست بفقدانه؟.

لا تخافي، فالله معك، ومن كان مع الله أفلح وفاز. إن كنت تنشدين أمانا من الرجل فأنت مخطئة، أمانك بالله وحده ثم بذاتك، وبالمناسبة: من قال لك أن الأصل في الرجال الأمان؟. ألا تعلمين أن من الرجال ذئاب؟، لكن الذئب الحيواني تعلم فريسته أنه ذئب فتحذره، أما أنتِ «فذئبك» قد يأتي على هيئة المشفق المهتم الذي يزعم أنه يرى حزن عينيك وبؤس قلبك، فيبدي الهمة والنشاط لسماعك ويسعى كاذبا إلى مساعدتك.

إن كانت علاقة الذكور ببعضهم مبنية - في أغلب الأحيان - على المصالح، فهل تتصورين أن علاقتهم بك ستكون ملائكية؟. بعض الذكور بعلاقتهم بك على طرفي نقيض، إما تطرف أو انحلال، وفي الحالتين يستخدمونك ورقة لمصالحهم بحجة التعاطف معك، أما الفئة الوسط فقليل ما هم.

أيتها المرأة: أوصيك بزوجك خيرا، فلا تقارني سلوكياته بغيره، لا يغرنك - مثلا - ثناء الرجل «الغريب» عليك، فالرجل البعيد أسهل ما عليه أن يمدح ويتغزل، هو لا يرتبط بأية مسؤولية تجاهك، ولا يترتب على حديثه معك أية تبعات مادية أو اجتماعية.. هو لن يسمع صراخك ولن يشاهد غضبك.. أنت تبدين أمامه بأحلى حلة، بينما زوجك المسكين هو الذي يتعب ويشقى ليل نهار، ويتحمل ضغوطات الحياة من أجلك وأجل أولادك.

فإذا جاءك يوما عابس الحاجب مكفهر الوجه، فإياك ثم إياك أن تتحسري أنه ليس كفلان الذي كان يوزع عليك مديحا «ببلاش»، وربما وجهه إليك وهو في قمة روقانه ويحتسي القهوة، فإذا أتتك مصيبة - لا سمح الله - أو غدر بك الزمان أو أدلهمت عليك الكربات فلن تجدين إلا زوجك.

أما الآخرون فقلما يخرج منهم «نشمي»، وإن حدث فقليلا ما تجدين أنه يقدم لك شيئا دون أن يحاول أن يذوق «عسيلتك» أو شيئا منها، وهذا لا يعني أن تركني إلى واقعك وترضي بصفات زوجك السيئة دون سعي إلى معالجة الأمر، ولكن تذكري أن «طينة الرجال واحدة» إلا ما رحم الله. تصالحي مع نفسك يتصالح معك الكون، وثقي بذاتك يثق بك الآخرون، ولا تدخلي نفسك بمقارنات تقتل قلبك وتحطم روحك فالمعايير تختلف.

أيتها المرأة: إن كنت مطلقة فتذكري أن معظم المطلقات بدأت حياتهن بعد الطلاق، وإن كنت أرملة فلعل الله أن يبدلك خيرا منه، وإن لم يسبق لك الزواج فتأكدي أن سعادتك لا تتوقف بالضرورة على رجل، وإن من النساء من تزوجت في سن متأخرة وسعدت. لا تهتمي بألسنة المجتمع، ولا يحطمنك هجومهم عليك، فإنه يغلب عليه الانتقاد ولا يرحم أحدا على أي حال كان.

إن توظفت قالوا إنك تركت بيتك وعيالك، وإن تفرغت لشؤون البيت وصفوك بـ«عديمة الطموح».

إياك والحمق، فإن الحماقة في النساء كالسم في العسل، وإياك والعناد، فإن العنيدة يوشك أن تنال نتيجة عنادها سوءا، وإياك والغرور، فالمغرورة كزهرة اصطناعية لا روح فيها، وإياك والاسترجال، فإن المسترجلة يصفق لها الناس ظاهرا وينبذونها باطنا، وإياك والطمع، لأن المرأة كالأرض الخصبة لا يليق بها إلا أن تكون معطاءة، وإياك والنفسية المعقدة، فإنها تفقد ٩٠٪ من الجمال.

احذري التقليد، فإن ظروف غيرك من النساء لا تتشابه، وإن ما يبدو لك في الظاهر أقل مما هو خلف الكواليس.

أيتها المرأة: قبل أن تعيشي دور المظلومية والضحية، تذكري أن المرأة في مجتمعاتنا هي التي تظلم نظيرتها المرأة، وقد تكون أكبر عدو لها هن بنات جنسها، فلا معنى أن تكوني كارهة للرجال أو ناقمة على «ذكورية» المجتمع، وهناك من بني جنسك من يسلطهم عليك.

قد تضطرك الأحوال إلى مخالفة من حولك وتركهم، وهذا وإن كان ضرورة أحيانا، لكنه ليس مدعاة للمباهاة، حتى لا يصبح عادة وأصلا. تعلمي، اقرئي، طوري ذاتك، وثقي عرى المودة مع أهلك ومجتمعك ووطنك، تحرري من قيود العادات البالية بما لا يسقط أنوثتك ولا يجعلك سلعة تباع في سوق النخاسة.

وأخيرا، لا تهتمي كثيرا بمواعظ الآخرين ولا نصائحهم ولا فلسفاتهم؛ فإن ذاتك الكريمة عند كثير منهم لا تعنيهم، إنما تعنيهم مصلحتهم منك، أنت أدرى بمصلحتك، اضربي بكلامهم عرض الحائط وأولهم كاتب هذه الخربشات.

اوه.. لقد أطلت، من قال إن الثرثرة خاصة بالنساء؟!.