هل أحسست يومًا بتسارع دقات قلبك حتى شعرت بالنبضات في رأسك؟ هل تصببت عرقًا في عز البرد! هل شعرت بحرارة تغزو جسدك من رأسك حتى قدميك؟ إذا شعرت بذلك فأنت تحت تأثير الأدرينالين وإخوته من هرمونات الضغط النفسي، وهذه التغيرات الفسيولوجية ما هي إلا استجابة تلقائية من الجسد ليقاوم هذه الضغوطات وعلى المدى الطويل. من الممكن أن يسبب الضغط النفسي أمراضًا عضوية كارتفاع ضغط الدم أو الجلطات الدماغية أو القلبية لا قدر الله، فهل هناك ما يستحق أن نستهلك فيه صحتنا إلى هذا الحد، فالمال لا يستحق أن يموت أحدٌ من أجله.

الضغوط النفسية من المسلمات في هذه الحياة، لأن متغيراتها كثيرة، ما بين سعادة وحزن وربح وخسارة ووفاق وخصام. علينا أن نتعلم كيف ندير هذه الضغوطات وكيف نتعامل معها، من المهم جدًا أن نتعرف على مصادر هذه الضغوطات، والجزء الأكبر من الضغوطات هو ضغط العمل. وحسب تقرير للوكالة الأوربية للسلامة والصحة في بيئة العمل بأن أكثر من 50% من الأيام التي يتغيبها الموظفون عن أعمالهم دون عذر مقبول لها علاقة بالضغوط النفسية، وهناك بحث قام بتحليل نحو 300 دراسة عن ضغط العمل وخلص إلى أن الممارسات الضارة في بيئة العمل لا تقل خطورة على الصحة من التدخين السلبي والذي يؤدي آخر المطاف إلى أمراض الرئة المزمنة والوفاة لا قدر الله، فبيئة العمل تحتل المرتبة الخامسة بين الأسباب المؤدية للوفاة كما أشار أحد الأبحاث الأمريكية وتعددت الأسباب والموت واحد.

أجريت إحصائية بين عامي 2016-2017 في المملكة المتحدة أظهرت بأن عدد أيام العمل الضائعة كنتيجة للضغط النفسي والاكتئاب والقلق لأسباب لها علاقة بالعمل بلغ 12.5مليون يوم خلال ذلك العام.


من أسباب الضغط النفسي في العمل، ساعات العمل الطويلة وتأثير ذلك على الحياة العائلية، غياب الأمان الوظيفي أو العمل بوظيفة ذات ساعات غير منتظمة والممارسات الإدارية.

لو عرفنا أن علاج الأمراض المزمنة الناتجة عن الضغوطات النفسية ومعظم هذه الضغوطات النفسية هي ضغوطات نتيجة العمل وحمل هم لقمة العيش يكلف الدول الكثير فإن الأمر يستلزم أن نمنع هذه الضغوطات وإن كان يبدو مستحيلًا، فعلينا أن نقلل من هذه الضغوطات بتحسين بيئة العمل والاهتمام بالصحة النفسية للموظفين لكي نضمن سلامتهم، فبذلك نقلل من تكاليف الرعاية الصحية على الدولة ونزيد من إنتاجية الموظف.

حينما نتحدث عن ضغوطات العمل النفسية فمن المؤكد أن طبيعة العمل هي من تحدد شدة هذه الضغوطات، لذلك أجد أن أكثر فئة معرضة لضغوطات العمل هم الممارسون الصحيون وبالذات العاملين في وحدات العناية المركزة ووحدات الطوارئ، حيث التعامل مع الحالات الحرجة والحوادث والموت، وهذه الفئة تعاني ما تعاني أثناء جائحة كورونا. الأدرينالين هو الهرمون الأكثر ثورة في عروقهم، العاملون في وحدات العناية المركزة ووحدات الطوارئ يحتاجون إلى ساعات عمل أقل من غيرهم أو ربما إلى مميزات وظيفية أفضل، وبالتأكيد يحتاجون كغيرهم من الموظفين إلى بيئة عمل تهتم بصحتهم النفسية.